العدد 1840 - الأربعاء 19 سبتمبر 2007م الموافق 07 رمضان 1428هـ

مرارة...!

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

عندما تفكر أجناس مختلفة بزيارة البحرين، أول ما يتساءلون: هل هذه جزيرة خضراء بسواحل رملية ناعمة أم صخرية أم أنها شبيهة بجزر موريشيوس في المحيط الهندي أو مايوركا الإسبانية في البحر الأبيض المتوسط؟!

هذا الكلام كثيرا ما يُسأل به البحرينيون الذين تجدهم اليوم محتارين في وصف جزيرتهم (الأم) التي لا فيها نخل ولا بحر «ولا هم يحزنون»، بل مجرد حقل تجارب لردم البحر وأشكاله الأخرى التي جعلت من لونه باهتا، وسمكه ميتا تفوح منه رائحة المجاري وغيره من النفايات.

في يوم قالت لي صديقة بريطانية أحبت البحرين لطيب أهلها بعد أن عاشت فيها فترة طويلة جدا مع أبنائها، في لقاء قريب جمعنا، إن جمال البحرين قد تلاشى، حتى أصبحت مجردة من كل المقومات التي كانت تجذب إليها المقيم والزائر... فهي «أحبت بحرين السبعينات» - على حد قولها - فالعيون العذبة كان ومازال بعض منها لا يمكن أن تراه الأجيال, أما الآثار ومدافنها فكانت كثيرة لا تهدم بتلك الصورة التي تحدث الآن، فلا أحد يأبه بالآثار وحمايتها كما يدعون. هذه الصديقة البريطانية التي تنتمي إلى جيل والدتي أخبرتني أيضا انه لا فائدة من تشييد متاحف ومسارح على أرقى المستويات إن كان الوعي بالآثار متدنيا حتى في مسألة حمايتها، وهذه المسألة لا تختلف من أعلى مسئول إلى رجل الشارع العادي.

كلام هذه السيدة البريطانية مؤثر لأنه حقيقة, ولأنه حقيقة، فلا يجب أن نغض أبصارنا عنه في ظل زحمة المطالب التي نطالب بها وما أكثرها عدا بيئتنا وآثارنا التي مازالت في مهب الريح بسبب الجشع المستمر الذي لا يشبع أصحاب الجيوب التي ترضي مصالحها لا أكثر.

لهذا فعندما يأتي الزائر الأجنبي لأول مرة إلى البحرين فهو يظن أنه ذاهب إلى الجنة كما تصورها صور السياحة التي تعرض في ملصقات تعلق على جدران أروقة مطار البحرين الدولي وصولا إلى كتيبات السياحة التي هي في الواقع صور نشرت في حقب زمنية بعيدة أو التقطت في مزارع خاصة كون أن المساحات الخضراء شبه مختفية كما هو الحال مع المدافن الأثرية في البلاد، فما تبقى أصبح ملكا لأفراد قلائل لهم حق الامتياز للتمتع والاستجمام.

الفئة التي تدعي أنها حريصة على الخضرة والماء وحتى الآثار ذاتها هي التي سمحت لنفسها بإعطاء الحق في إطلاق التحليلات والتفسيرات التي ترضي جشعها... وبسبب هؤلاء وغيرهم أصبح المشي في حديقة أو الاستلقاء على رمال الشاطئ حلما بحرينيا لا واقعا بحرينيا، لأن مقومات الجزيرة قد نزعت، وتحولت مع الزمن إلى جزيرة جرداء بدأت تهلكها مشروعات لا ندري بأي مطاف سينتهي بها الأمر.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 1840 - الأربعاء 19 سبتمبر 2007م الموافق 07 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً