يشكل مقال اليوم امتدادا للموضوع الذي فتحناه أمس (الإثنين) عن القرار الأخير لوزراء المالية ومحافظي المصارف المركزية الأخير بشأن منح الدول الأعضاء حرية اختيار السياسات لمواجهة مشكلة التضخم.
وخلافا لما يذهب إليه البعض، بدورنا لا نعتقد أن البيان الأخير يمثل تراجعا فعليّا عن مواقف دول المجلس حيال مشروع الاتحاد النقدي المزمع إطلاقه في العام 2010، بل إن الحديث عن تنفيذ مشروع الاتحاد النقدي سابق لأوانه في كل الأحوال، فالدول الأعضاء لم تنته بعد من تنفيذ مشروع الاتحاد الجمركي فضلا عن مشروع السوق المشتركة، ومن المتوقع أن ينتهي العمل بالاتحاد الجمركي وبدء العمل بالسوق المشتركة مع مطلع العام 2008. يهتم مشروع الاتحاد الجمركي بتوحيد السياسات التجارية الخارجية مع الدول غير الأعضاء. أما مشروع السوق المشتركة فيركز على منح كل قوى الإنتاج حرية الحركة بين الدول الأعضاء.
شروط الاتحاد النقدي
كنا قد أكدنا غير مرة عبر هذا العمود عدم وجود الحاجة إلى الحديث عن الاتحاد النقدي في الوقت الحاضر وخصوصا بعد قرار عمان في نهاية العام 2006 عدم الانضمام إلى المشروع الطموح.
يتضمن مشروع الاتحاد النقدي مجموعة من المعايير تتمثل في تقييد الدين العام بنسبة 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. كما على الدول التأكد من عدم ارتفاع العجز في الموازنة العامة بنسبة 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، أيضا المطلوب من الدول الأعضاء في الاتحاد النقدي ضمان عدم ارتفاع مستوى التضخم عند متوسط الدول الأعضاء زائد 2 في المئة. كما ينبغي ألا تزيد أسعار الفائدة على متوسط أدنى ثلاث دول زائد 2 في المئة، أخيرا المطلوب من الدول الاحتفاظ بقدر من الاحتياطي يغطي قيمة واردات لمدة أربعة أشهر.
معدلات الفائدة
يبدو أنه لا مناص لدول المجلس غير مسايرة معدلات الفائدة في حال قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي تغيير المعدل في اجتماعه اليوم (الثلثاء)، إذ يتوقع أن يقدم المجلس الاحتياطي على إجراء تغيير طفيف على المعدل (الذي يبلغ 5,25 في المئة) إلى الأسفل لغرض تشجيع الاستهلاك والاستثمار المحلي. وبات هذا الأمر مهما في أعقاب أزمة العقار التي ضربت الولايات المتحدة أثناء فصل الصيف. ولا شك أن تراجع نسبة الفائدة سيعزز من النشاط الاستهلاكي لأنه من الأفضل لأصحاب الأموال (أو المودعين) صرف المزيد من الأموال بدل الاحتفاظ بها في المصارف، أيضا يشجع تراجع نسبة الفائدة فرصة للمستثمرين ومن يرغبون في شراء العقارات للاقتراض وبالتالي شراء بعض الأصول.
وفي ظل ترابط عملات دول الخليج بالدولار (باستثناء الدينار الكويتي) فلا مناص من مسايرة البنك الفيدرالي الأميركي، فعدم تغيير المعدل (أي وجود فرق في نسب الفائدة على المعاملات المصرفية بين العملة المحلية والدولار) يعني فيما يعني تشجيع المودعين على إيداع أموالهم بالعملة المحلية ومن ثم تحويلها إلى الدولار بسعر ثابت من دون تحمل أية مخاطرة، وهذا ما يعرف بمصطلح «أربتيراج» أي الاستفادة من العملية من دون أدنى مخاطرة، فخيار عدم مسايرة نسبة الفائدة السائدة في الولايات المتحدة غير مطروح ألبتة بسبب سياسة اقتصادية قائمة تتمثل في ارتباط العملات بالدولار.
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1838 - الإثنين 17 سبتمبر 2007م الموافق 05 رمضان 1428هـ