العدد 1837 - الأحد 16 سبتمبر 2007م الموافق 04 رمضان 1428هـ

البلوشي وحفاظ... ووزارة «التربية»

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من المفاخر التي تبرزها البحرين في مختلف المناسبات، وخصوصا أمام الوفود الأجنبية، أن لدينا وزيرتين في الحكومة.

الوزيرتان ليستا من القبائل ولا من طبقة التجار. وكلتاهما مثالٌ لما يمكن أن تقدّمه «ديمقراطية التعليم»، ومهما قيل عن طريقة التعيين والترشيح أو حتى أدائهما الحالي فإن للتعليم دورا فيما وصلتا .

الوزيرة الأولى ندى عباس حفاظ، من إحدى عوائل المنامة غير المعروفة، التي صنع أفرادها أسماءهم عبر التعليم والكفاح الذاتي. أما الوزيرة الثانية، فاطمة محمد البلوشي، القادمة من عائلة غير معروفة أيضا، فتفتخر - ويحق لها ذلك - بأنها ابنة موظف في شركة «ألبا».

النموذجان، تقدّمهما البحرين دليلا على ما تحقّق في مجال تمكين المرأة، ويدلان على نتاج تجربة التعليم خلال العقود السابقة، ومساهمة التعليم في الارتقاء و«الحراك الاجتماعي بين الطبقات». وللحديث عن الطبقات ربما يتهموننا بأن لنا ميولا ماركسية أو ماوية... فليكن! ولكن الموضوع أكبر وأخطر... لأنه يرتبط بالأمل. الأمل هو الذي يفتح المجال أمام ترقي الأفراد وتطوّر المجتمعات في ظل مبدأ «تكافؤ الفرص»، فإذا دخل على الخط من يحارب الكفاءات، ويميّز بين الناس لأسباب مذهبية أو طائفية أو عرقية، ويكون همه «تمكين» جماعته وأعضاء جمعيته فتلك هي الضربة التي تقصم الأوطان.

المؤسف أن بعض من نحترمهم لم يتسلم الرسالة جيدا حتى الآن، فظنّ انتقادنا لوزارة التربية والتعليم لا يعدو تطاولا على جمعيته أو تحريضا لمحاصرتها وتهميشها، وهكذا أضاع الرؤية. المسألة أكبر من مجرد «تمكين» تيار سياسي موالٍ في هذه الفترة من تاريخ البحرين، قد ينقلب على الحكم غدا أو ينقلب الحكم عليه بعد غد، بسبب رمال السياسة المتحركة في المنطقة. ومهما طال أمد التحالف المصلحي وفق مقتضيات المرحلة، فإن تجارب الانقلابات السياسية في منطقتنا تؤكد أن دوام الحال من المحال.

مع ذلك، فإن الأخطر في العملية كلها، هو ما ينتج عن هذا التحالف المصلحي من تخريبٍ كبيرٍ للعلاقات والنسيج الوطني، بسبب هذا السوس الطائفي الذي ينخر في واحدةٍ من أهم وزارات الدولة المعنية بتربية الأجيال وتعليمها وتأهيلها للمشاركة في بناء البلد.

مساء الأربعاء الماضي، في جمعٍ ضمّ عددا من النواب والبلديين والناشطين السياسيين، أحدهم كان اختصاصيا بالتربية، وبحكم الوظيفة ينتدب أحيانا للحضور إلى مبنى الوزارة بالمنامة، وساءني جدا أن اسمع منه العبارة التالية: «صدّقني إذا دخلت الوزارة أشعر بغربة قاتلة، فكل من تلقاه من لون حزبي واحد»... فهذا ما وصلت إليه المواصيل.

في صبيحة اليوم التالي، هالني أن أسمع عبارات مماثلة، بالنبرة المحبطة نفسها، من إحدى المرشحات لوظيفة مديرة مساعدة، تسبّبت السياسة نفسها في قتل أملها في الترقّي الطبيعي، بعد اجتيازها سبع مراحل من مراحل المسابقة الوظيفية، وامتلاكها خبرة 17 عاما، ولكن تمت ترقية مرشحة أخرى لم تجتز غير أربع مراحل، بخبرة 8 سنوات... غير أبناء الجنسيات الأخرى.

اليوم، مازال البعض يتجاهل عمق الانشطارات التي تعرّضت لها الشخصية البحرينية بعد كشف بعض التقارير المثيرة للحنق، فليس هناك كتابٌ مقدسٌ جديدٌ يتوهمه البحرينيون كما توهّم البعض، بل أصارحكم وبكل صدق، هناك شعورٌ عامٌ كاسحٌ بالاستهداف والتهميش والإقصاء، يعزّزه ما يجدونه من ممارساتٍ عمليةٍ على الأرض في هذه الوزارة أو تلك، أكثرها عريا ما يجري في وزارة «التربية»، التي بدأت تأكل أبناءها. وما حقّقه أصحاب القامات الوطنية الرفيعة مثل علي فخرو... يتم هدمه في العهد الأخير.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1837 - الأحد 16 سبتمبر 2007م الموافق 04 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً