العدد 1837 - الأحد 16 سبتمبر 2007م الموافق 04 رمضان 1428هـ

عملي السياسي أساسه الحقوق الدستورية

عبدالعزيز أبل comments [at] alwasatnews.com

.

اطلعتُ على ما جاء في صحيفتكم الغرّاء يوم السبت الثالث من رمضان المبارك 1428 للهجرة الموافق 15 سبتمبر/أيلول 2007 ميلادية وقد اندهشت كثيرا ولم أصدّّق أنْ يصدر هذا من صحيفة «الوسط» وبقلم المحرّر حيدر محمّد، متضمنا هذا الهجوم والتشهير الشخصي غير المبرر والذي انطلق من دون مناسبة أو صلة بأية قضية مطروحة على الساحة، والذى لم يستند إلى أي معيار منطقي وموضوعي محدد اللهم إلاّ معيار علاقتي بكتلة الإخوة في جمعية الوفاق الوطني الإسلامية، الذين أكنّ لهم كلّ الودّ والاحترام، ومدى قربي أو بعدي عن مواقف كتلتها في مجلس النواب، الأمر الذى بدا واضحا حتى من العنوان في الصفحة الداخلية .

وإنه لأمر غريب حقا أنْ تهاجم صحيفة وطنية أحد النواب لمجرد أنه لم يتفق مع ما يراه المحرر لديها، أو ما ينسجم مع اعتقاد المحرر أو اتجاهاته أو مواقفه السياسية ، وأنْ يؤسّس كلّ تحليله على أساس دعم قوة سياسية للنائب في الانتخابات النيابية وكأنّ المسالة أنّ مَنْ تدعمه قوة سياسية في الانتخابات يتوجّب عليه أنْ يكون تابعا لها لا يحيد عن مرئياتها قيد أنملة . وهو أمر لا يمكن أنْ ينطبق عليّ شخصيا لكوني مستقلا عن جميع القوى السياسية وقدّمت جهدا شخصيا للدفاع عن القضايا الحقوقية والسياسية التي اقتنعتُ بها بروح وطنية متجرّدة. ولقد كان عملي السياسي منطلقا دائما وبشكل راسخ من قناعاتي الوطنية والقومية المعلنة ، ومن منطلقات إصلاحية واضحة ومحددة تستند إلى الثوابت والحقوق الدستورية التي تخدم الوطن وتحمي مستقبل كلّ أبنائه ، ولم تكن لدي أهداف خاصة أو فئوية بل الحرص على مصالح كلّ شعب البحرين بكلّ فئاته وأبنائه من دون تمييز أو تفريق . وهذه القاعدة هي التي حكمتْ عملي طوال المرحلة السابقة ودعمي للحركة المطلبية في عقد التسعينات و لم آبه للآراء التي اتهمتْ هذه الحركة الجماهيرية «بالطائفية» بل دعمتها من دون مواربة ؛ وذلك انطلاقا من القناعة بأنّ المصلحة الوطنية تقتضي الدفع بالإصلاح والدفاع عن المواطنين المطالبين بحقوقهم من دون تمييز ومن دون تردد أو انتقائية . وهذه القاعدة لاتزال تحكم عملي اليوم في مجلس النواب ، إذ حرصتُ على تحقيق أكبر قدر من التوافق الوطني بين أعضاء المجلس ، والوصول إلى توافقات على أسس وطنية راسخة.

ولقد تبدى واضحا الغرض من التقرير، عندما ركّز المحرّر على مسألة حضوري «حفل افتتاح المجلس الوطني الذي قاطعته الوفاق وقابلت القيادة السياسية حضور أبل بقبلة حارّة، وسمّاه رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني « حمامة السلام « . ولقد فات المحرر أنني مستقل عن الكتلة ولم أشارك في صياغة قرار مقاطعة الجلسة الافتتاحية. وقد تصرفتُ وفق ما أراه أنا مناسبا، وإلاّ فكيف لي أنْ أكون مستقلا إذا كنتُ سأتبع القوى السياسية أو الآراء المختلفة كلّ فيما يراه. ولعلم المحرر والقرّاء الكرام ، فإننّي أمثل دائرة مختلطة وتتكون من مصالح كثيرة ، ولم يقتصر الدعم الانتخابي لي على دعم أنصار جمعية الوفاق الوطني الإسلامية ، التي أشكرها على ذلك الدعم والمساندة ، لكن الحقّ والحقيقة أنني قد دعمت أيضا من قبل كتلة كبيرة من المستقلينَ في الدائرة و من الجمعيات السياسية الليبرالية والإسلامية الأخرى الناشطة في الدائرة بما في ذلك جمعية الأصالة الإسلامية وجمعية الوسط العربي الإسلامي ، اللتين أشكرهما على الدعم والمساندة ، ولا أنسى في هذا السياق أنْ أشكر كلّ الذين دعموني في حملتي الانتخابية بما في ذلك الإخوة الوجهاء من القطاع الخاص وبعض أبناء العائلة الحاكمة من أبناء الدائرة وشخصيات محترمة لعبتْ دورا كبيرا في تكتيل الدعم والمساندة لي . هؤلاء كلّهم قدّموا لي الدعم بأشكاله المختلفة وأنا مدينٌ لهم كلهم وأمثل مصالحهم جميعا ، ولن أكون إلاّ متوازنا في الطرح والسلوك محكوما بالمصلحة الوطنية العليا؛ لأنها هي المسار الصحيح للإصلاح في هذا الوطن العزيز.

ولقد استمرأ التقرير التهجّم غير المنطقي والمنطلق من نوازع مستغربة، عندما قال « عاد أبل الذي سوّقته الوفاق تحت معادلة 17 + 1 إلى الواجهة مرّة أخرى عندما ترأس بدفع من الوفاق أيضا لجنة الشئون المالية والاقتصادية ... « . إنّ هوس المنّة والتعيير الذي يسيطر على ذهنية البعض فيما يتعلّق بالدعم الانتخابي في العام 2006 لا يُقاس بمقدار الدعم الذى عبّرت عنه المواقف الوطنية الداعمة للإصلاح وحقوق المواطنين من دون تمييز أو تفريق ، ومن دون منّة أو تعيير .

إنّ التوافقات البرلمانية هي التي تحسم موضوع انتخابات اللجنة المالية وأنا أشكر كلّ مَنْ صوّت لي من الأعضاء جميعهم. لكن لابدّ من القول إن تبادل الدعم في أية علاقات سياسية هو مقياس للوعي بمتطلبات العمل البرلماني والسياسي عموما فليس من قوة تستطيع أنْ تعمل بمفردها في بيئة ديمقراطية جادة ، ولا يُقاس الدعم والتعاون بمعيار أو بزمن محددين ، فالسياسة مصالح متبادلة وذهنية منفتحة غير جامدة .

ولعلّ ما يزعج البعض هو أنني لا أحمل مشروعا تصادميا مع الحكومة ، حيث أبرزه التقرير بوضوح بقوله: « النائب الليبرالي الوحيد : لا أحمل مشروع مواجهة « وهذا صحيح جدّا وهو تعبير عن روح ليبرالية إصلاحية صادقة تحكمها المصلحة الوطنية والتوافق الوطني وليس الصدام أو عدم الوئام وعدم الاستقرار. وإذا كان هناك مَنْ يحمل مشروعا تصادميا لا اتفق معه فهذا ليس ذنبا انتقد عليه، ولعلّه يجد مَنْ يتفق معه في ذلك ويلبي لديه مثل هذا التوجّه.

ولعلّ من الطريف الإشارة إلى أنّ البعض يأخذ عليّ ،كمؤشرعلى تغيّري ، أنّ علاقتي ودّية وأنني أعبّرعن الاحترام لرئيس المجلس و بأنني ودود في العلاقة مع الحكومة. وهؤلاء يخلطون بين التباين في الرأي و العَلاقات الإنسانية والودّ والاحترام المتبادَل الذي لايزال يربطني بالعديد من الإخوة الوزراء قبل أنْ يصبحوا هم وزراء و قبل أنْ أصبح أنا نائبا . وإن كوني نائبا و كونهم وزراء هو شيء مؤقت في حياة كلّ منّا، بينما العَلاقات الإنسانية الودّية تبقى للأبد. أمّا احترام الكبار من مثل معالي رئيس المجلس الأستاذ خليفة بن أحمد الظهراني أو كل مَنْ يكبرني سنا أو يرأسني في هيئة ، فهذا جزء من تربيتي ، فلقد تربينا أنْ نعطف على الصغير وأنْ نوقر ونحترم الكبير ، وهذا جزء من جوهر وروح الإسلام العظيم ، بغض النظر عن التوافق أو الاختلاف في الرأي.

ولقد حرصتُ في عملي البرلماني و دوري كرئيس للجنة مهمّة في المجلس أنْ أعمل على حلّ القضايا من دون اللجوء للإثارة أو الصخب ومن دون مصادرة دور البقيّة من أعضاء اللجنة ، وأظنّ أنّ هذا من علامات الصدق في العمل الديمقراطي وتعزيز العمل الجماعي والبعد عن الفردية والاستبداد بالرأي . فعندما تعمل خارج البرلمان تكون الصحافة و الندوات هي الطريقة المتوافرة للتعبيرعن الرأي أما مع توافر القنوات البرلمانية فإن التواصل مع الجهات الرسمية

و القدرة على التأثير في صنع القرار تتخذ قنوات أخرى . أعتقد أنّ البعض لا يرى غير أسلوبه في العمل السياسي ويعتقد أنّ مَنْ يخالفه في ذلك مخطئ ولا يهدأ له بال ما لم يرمِ الناس بالتّهم ، وهذا في تقديري ضار بالشخص نفسه وبالقضية التي يدافع عنها ، وهو ما ينفرّ الأصدقاء والحلفاء أكثر مما يقربهم .

لقد أحسنتم عملا عندما وضعتم أحد الشعارات التي أعتز بها «من أجل وطن لكلّ أبنائه» ، والتي يبدو أنها لا تروق للبعض ، وهو إيماني بأنّ الوطن هو لجميع أبنائه من كلّ الأديان و المذاهب و الأعراق ، وهذا ما يحكم تفكيري ويوجّه عملي الوطني والسياسي ودوري البرلماني ، وهو مضمون اعتز به ولن أحيد عنه . ولا أظنّ أنّ مَنْ يضمر الخير لهذا الوطن يرى بأنْ يكون معيار الأداء الوحيد هو الانحياز وعدم التوازن و أنْ يكون المرء معاديا للآخرين . ففي تقرير جريدتكم الغرّاء ليس من موقف واحد ولا إشارة واحدة تبين أنني وقفتُ ضد المصلحة الوطنية أو إنني قمتُ بعمل يضرّ بأحد، وكلّ ما ركّزعليه التقرير وما استخدمه من معيار وحيد إنما هو مدى قربي أو بعدي من موقف كتلة الإخوة الأعزّاء في جمعية الوفاق ، واعتقد أنّ هذا المعيارغير صحيح.

إقرأ أيضا لـ "عبدالعزيز أبل"

العدد 1837 - الأحد 16 سبتمبر 2007م الموافق 04 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً