يمكن الزعم بأن ظاهرة التجاوزات المالية والإدارية باتت جزءا لا يتجزأ من ثقافة العمل السائدة في وزارة الصحة، فقد سجل تقرير ديوان الرقابة للعام 2005 الكثير من التجاوزات المالية والإدارية في هذه الوزارة الخدمية المهمة التي تهتم بصحة المجتمع.
نوجز في هذا المقال الاتهامات بالتقصير الموجهة إلى وزارة الصحة والمرصودة في تقرير ديوان الرقابة المالية للعام 2005 (لم نحصل حتى الآن على تقرير ديوان الرقابة المالية للعام 2006). تشمل التجاوزات محاولات واضحة من الوزارة لتفادي التعامل مع مجلس المناقصات فضلا عن عدم وجود مراقبة دقيقة للمصروفات المتعلقة بالمرضى خارج البحرين.
تجزئة المشتريات
أشار التقرير إلى قيام الوزارة بتجزئة بعض المشتريات التي تزيد قيمتها على 10 آلاف دينار لأكثر من طلب شراء في محاولة واضحة لتفادي طرحها في مناقصات عامة عن طريق مجلس المناقصات. وعليه توجد هنا شبهة فساد لأن الأمر يوحي بوجود أطراف تستفيد من المناقصات التي تطرحها وزارة الصحة وترغب في حصول على عقود من دون اللجوء إلى مجلس المناقصات.
وبين التقرير فشل الوزارة في استرداد كلف العلاج المتعلقة بحوادث الطرق (بموجب المادة رقم 12 من المرسوم بقانون رقم 3 للعام 1987) من شركات التأمين. حقيقة القول إن الإدارة العامة للمرور لم تكن تزود الوزارة بالتقارير الدورية بهذا الخصوص، لكن يؤخذ على وزارة الصحة عدم متابعتها الموضوع.
وفي موضوع آخر, أشار التقرير إلى عدم وجود نظام للرقابة على مخزون الأدوية في مجمع السلمانية الطبي والمراكز الصحية المختلفة، لا شك أن هذا الأمر خطير لأنه مرتبط بحياة المرضى فضلا عن احتمال حدوث هدر للمال العام.
العلاج في الخارج
والأهم من ذلك, نبه التقرير إلى حدوث أخطاء نوعية في قسم العلاج بالخارج. فقد تبين أن سجل حالات العلاج في الخارج غير محدَّث، أيضا لا يمسك القسم المختص بسجل متكامل للمبالغ المدفوعة مقدما إلى السفارات في الخارج للصرف على المرضى، لا شك في أن هذا الأمر خطير نظرا إلى كلفة العلاج في الخارج، كما أن عدم وجود سجل محدَّث للمصروفات يفتح المجال أمام تجاوزات مختلفة.
خصصت موازنة العام 2007 مبلغا قدره 123 مليون دينار للمصروفات المتكررة لوزارة الصحة ما يعني أنها حلت في المرتبة الرابعة بعد كل من وزارات الدفاع والتربية والتعليم والداخلية فيما يخص حجم الأموال المخصصة لها ضمن الموازنة العامة للدولة، وربما تصل اللجنة البرلمانية المناط بها البحث عن أوجه التقصير في وزارة الصحة إلى نتيجة مفادها أن المطلوب ضخ المزيد من الأموال في هذه الوزارة حتى يتسنى لها أداء رسالتها.
تؤكد الأمور المشار إليها أعلاه أن هناك أسبابا وجيهة لقيام مجلس النواب بتشكيل لجنة برلمانية لدراسة بعض جوانب التقصير في وزارة الصحة، ولكوننا أحد أعضاء هذه اللجنة الفتية سنركز على التجاوزات المالية والإدارية المزعومة في هذه الوزارة، الشيء المؤكد هو أن اللجنة البرلمانية لا ترغب في إيذاء أي شخص محدد في الوزارة.
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1836 - السبت 15 سبتمبر 2007م الموافق 03 رمضان 1428هـ