العدد 1836 - السبت 15 سبتمبر 2007م الموافق 03 رمضان 1428هـ

حدود ولاية الفقيه

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

مفهوم «ولاية الفقيه» مطروح لدى فقهاء المذهب الجعفري منذ فترة غير قصيرة، والاختلاف بينهم يكمن في حدود هذه الولاية، بين من يراها محدودة في إطار ضيق، بحيث لايمكن ان تسمى ولاية عامة (مثل السيدعلي السيستاني حاليا)، وبين من رآها أكثر توسعا، ولكنها ليست مطلقة، مع إمكان تعدد «الولايات»، أي ولاية لأكثر من فقيه واحد في آن واحد (ويقترب السيدمحمد حسين فضل الله من هذا الطرح)، وبين من رآها «مطلقة» من دون حدود، وأنها «واحدة» فقط في أي زمان يوجد فيه من يتصدى لقيادة شئون الأمة العامة. والرأي الأخير هو المطروح رسميا في إيران منذ العام 1979.

لقد كانت فكرة الإمام الخميني التي طرحها في كتابه «الحكومة الإسلامية» تشير إلى أن الفقهاء يمثلون «حصن» المدينة، وأنهم حماة الدين، وعليهم أن يتصدوا للشأن العام. وقد انطلق الإمام الخميني بصفته «فقيها» في الاشتغال بالسياسة لأنه رأى أن من حقه وصلاحياته أن يتصدى للشأن العام وأن يتسلم الحكومة، وهو أمر مختلف عليه بين فقهاء الشيعة في زمن غيبة الإمام المعصوم. وعندما انتصرت الثورة الإسلامية الإيرانية في 1979 ثار جدل عن مدى إمكان إدخال مفاهيم الديمقراطية الحديثة التي تتطلب وجود دستور وبرلمان... ولم يكن هناك خوف من الديمقراطية حينها لأن الشعب ثار ووقف خلف الإمام الخميني، وكان على استعداد للتصويت لأي شيء يؤشر عليه قائده الذي انتصر على «ملك الملوك» محمد رضا بهلوي. وعليه فقد تم صوغ الدستور الإيراني على أساس وجود سلطة للشعب (رئيس جمهورية منتخب، برلمان منتخب) ووجود سلطة دينية تشرف على المسيرة السياسية (منصب الولي الفقيه، مجلس صيانة الدستور، مجلس الخبراء).

طوال فترة الثمانينات من القرن الماضي كانت شخصية الإمام الخميني القوية جدا فوق كل شيء، وكان يستطيع أن يتدخل في أي وقت ويحلحل الأمور. وكان هناك تطارح للأفكار بشأن صلاحيات الفقيه، وفيما إذا كانت «مقيدة» بالدستور أم إنها «مطلقة» من دون شروط عقدية. لكن الإمام الخميني تدخل في الحوار في ثمانينات القرن الماضي، واستوحى المتابعون لخطبه أن ولاية الفقيه «غير مقيدة» في الأساس، وأن الفقيه يستطيع أن يلغي الاتفاقات مع الشعب (وحتى الدستور) من طرف واحد. وكان حينها يوجد خلاف بين رئيس الجمهورية المنتخب (آنذاك) السيدعلي الخامنئي ورئيس وزرائه مير حسين الموسوي بشأن برنامج وزير العمل الإيراني... وقد تدخل الإمام الخميني وأيد رئيس الوزراء وألغى معارضة الخامنئي، وحدث الأمر علانية.

بعد ذلك، تم تعديل دستور إيران، وألغي منصب رئيس الوزراء، وتم توسيع الصلاحيات الممنوحة لولاية الفقيه إلى الدرجة التي أصبح فيها رئيس الجمهورية مجرد موظف إداري بدرجة عالية، على رغم أنه منتخب شعبيا لتسلم منصب سياسي - تنفيذي.

غير أن الدستور الإيراني أبقى على فكرة «مجلس الخبراء» الذي يتشكل عن طريق الانتخاب من رجال الدين المؤمنين بالنظام، وأن هؤلاء لهم الحق (نظريا) في مراقبة وتعيين وفصل الولي الفقيه... وهو المجلس الذي تسلم رئاسته أخيرا الشيخ هاشمي رفسنجاني. وللحديث تتمة...

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1836 - السبت 15 سبتمبر 2007م الموافق 03 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً