قبل ست سنوات، في 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2002، وضع ولي العهد صاحب السمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة حجر الأساس للمدينة الشمالية في حفل كبير على ساحل أبو صبح، وأعلن حينها أن الذين سيستفيدون من هذه المدينة هم الأسر البحرينية القاطنة في مناطق الشمالية. وعند وضع حجر الأساس أعرب ولي العهد عن اعتزازه بالبدء في الأعمال المتعلقة بإنشاء هذا المشروع الحيوي الذي يمثل واحدا من أهم مشاريع لجنة الإسكان والإعمار والمقدر له أن يستوعب 20 ألف وحدة سكنية.

وقال سموه حينها: «إننا في لجنة الإسكان والإعمار قطعنا أشواطا كبيرة في سبيل وضع الخطط والاستراتيجيات لتنفيذ السياسة الإسكانية»، وإن المدينة الشمالية ستقام على مساحة تقارب 1500 هكتار من المساحات البحرية المتاخمة للمحافظة الشمالية وإن المدينة ستنشأ وفق مبدأ الحداثة والتكامل من حيث الخدمات والاحتياجات، وسوف تتعدد فيها التصاميم المعمارية التي تتلاءم مع احتياجات الأسرة البحرينية.

وقبيل حفل تدشين «الشمالية»، زار ولي العهد قرية المقشع الآيلة إلى السقوط حينها، وزار الحاج أحمد منصور العالي وكذلك الشيخ عيسى قاسم، وصرح قاسم بعد اللقاء بأن الحديث مع سموه «اتسم بالصراحة والتناصح، وانطباعي عن الزيارة أنها تنم عن الإحساس بضرورة التلاقي الشعبي والحكومي على آراء من شأنها المحافظة على سلامة البلد وتقدمه، وهو أمر يحتاج إلى خطوات جريئة من الدولة». وأضاف قاسم حينها أنه قال لسمو ولي العهد «إنني أستبعد جدا أن يكون عند الناس نيّة سوء ضد الحكم، لأنهم في الأمس القريب صوّتوا مع النظام الوراثي للعائلة الحاكمة بنسبة عالية، فلابد أن يكون وراء الامتعاض شيء آخر، ليس هو الإضرار بالحكم».

الحديث أعلاه كان قد جرى قبل ست سنوات، ولكن مع الأسف بعد كل السنوات تلك، وفي 31 أكتوبر 2008، نظم المجلس البلدي الشمالي مهرجانا خطابيّا عن المدينة الشمالية تحت شعار: «المدينة الشمالية حلم يتلاشى»، سرد الواقع الغامض للمدينة الشمالية حاليّا، وذلك بعد اكتمال الدفان، اذ دفنت مع ذلك كل الاخبار والتقارير المتعلقة بمستقبل المدينة الشمالية التي عقد عليها الناس الأمل لحل الأزمة التي يعيشونها... آخذين في الاعتبار ان حوالي نصف الشعب ينتظر وحدة سكنية منذ العام 1992.

لقد عرض مهرجان المجلس البلدي صورا توضح ظروف الفقر والحرمان التي يعيشها المواطن في مجال السكن، ودق النائب حسن الدوسري ورئيس مجلس بلدي الشمالية يوسف البوري جرس الإنذار وطالبا بتطمينات من القيادة السياسية على أن المدينة الشمالية ستبقى، وأنها ستخصص للمشاريع الإسكانية للمواطنين.

المهرجان انعقد وانتهى، وعقدت ندوات بعد ذلك، وانطلقت تصريحات من كل جانب، ولكن المحصلة النهائية أن الحديث عن «المدينة الشمالية» بدأ يتلاشى من الجانب الرسمي. اننا نرى أن حلم المدينة الشمالية يجب ألا يتلاشى، فالمواطنون يرون انشاءات من كل جانب، ومدنا جميلة مخصصة للطبقة الثرية جدّا فقط، بينما يتكدس ابناء الشعب من الطبقة الوسطى ودون الوسطى على بعضهم بعضا في منازل لا تحتملهم