العدد 1834 - الخميس 13 سبتمبر 2007م الموافق 01 رمضان 1428هـ

سترادا... وِش لكم بالديمقراطية؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

مسكين جوزيف سترادا... مثل المرأة التي كانت (قاعدة مستريحة، جابت ليها فضيحة)!

فسترادا كان ممثلا كبيرا في الفلبين، ومشهور مثل ممثلي «الكوبوي»، تعشقه الجماهير، وتتهافت على الحصول على توقيعه الفتيات الفلبينيات، خصوصا في عز شبابه قبل ثلاثين عاما، وفجأة (افتر مخه) وقرّر أن يترشح لرئاسة الفلبين!

كلمة رايحة وكلمة جاية... وما شاف نفسه إلاّ رئيس! هناك شركات جمعت تبرعات لحملته الانتخابية، وهناك جماهير اشتاقت لترى نجمها المفضل رئيسا ليمتعها بممارسة السياسة كما كان يمتعها بالتمثيل، وحلمٌ ورديٌ بأن ينقل الفلبين (التي توصف برجل جنوب شرق آسيا المريض) إلى دولة صناعية متقدمة تناطح اليابان!

ومن حق الشعب الفلبيني أن يحلم، كجيرانه من شعوب الشرق التي يطحنها الفقر والبطالة والفساد، وهكذا جيئ بالممثل العجوز (70 عاما) إلى الرئاسة، بعد أن أعطى ملايين الفقراء والعاطلين واليائسين الشمس بيد، والقمر باليد الأخرى.

ولم يطل به المقام بالقصر الرئاسي، حتى بدأ الأحاديث تنتشر عن تورطه في «لطش» عشرات الملايين من الدولارات خلال حكمه الذي دام ثلاثين شهرا. وخوفا من أن تتضاعف هذه الأرقام لو بقي أكثر، بادر الفلبينيون إلى الإطاحة به في ثورة شعبية دعمها الجيش العام 2001، وحلت مكانه نائبته غلوريا أرويو، ليودع هو في السجن.

بعد خمس سنوات من المماطلة والتسويف، أصدر القضاء قبل يومين حكما بالسجن مدى الحياة على سترادا، الذي انهار على كرسيه بمجرد سماع الحكم، وأخذ يبربر: «مهزلة... هذه مؤامرة ضدي»!

محكمة مكافحة الفساد فرضت عليه الإقامة الجبرية، مع إعادة 87 مليون دولار من أرصدته المجمدة إلى خزانة الدولة. أما محاميه، فأعلن انه سيستأنف الحكم، واعدا بأنه سيثبت براءته من سرقة الملايين، وسيخرجه من السجن كما يخرج الشعرة من العجين!

قوى الأمن والشرطة من جانبها نشرت ستة آلاف من عناصرها في العاصمة مانيلا، ضمن تدابير أمنية مشدّدة، فملاحقته القضائية لمدة خمس سنوات، لم تفلح في تقليل «منسوب الحب» في قلوب أنصاره، خصوصا من الشريحة السكانية الأكثر فقرا، الذين تظاهروا خارج المحكمة رافعين صوره.

ربما سرّع إنهاء فصول المسرحية رغبة نائبته (الرئيسة الحالية أرويو) في الفوز بفترة رئاسة ثانية في الانتخابات المقبلة، ولم تجد ما هو أفضل من شن حملة واسعة «للقضاء على الفساد المالي»، في بلدٍ فاحت روائح كثير من المسئولين. ومن ذلك إلغاء عقد توسعة لأحد المطارات بعد أن تضخّمت موازنته، وإعادة أموال مواطنين أجبروا على سداد فواتير كهرباء تفوق قيمتها ثمن استهلاكهم الفعلي.

الفلبينيون (86 مليون نسمة)، يعيشون في أرخبيل يزيد عدد جزره على 7 آلاف، وتعاني بلدهم من المديونية والمحسوبية والفساد، ظلوا يحلمون ويتخبطون ويغيّرون رؤساءهم بين كل فترةٍ وأخرى، ولم يستفيدوا من التجارب الغنية في العالم العربي. وهكذا وقعوا في أخطاء سياسية قاتلة أهمها محاكمة فخامة الرئيس. فالرؤساء لا يجوز محاكمتهم لأنهم يمثلون رمز عزة الأمة، وكرامتها ومجدها. والمفروض أن يتركوا أمرهم إلى الله ليحاسبهم يوم الدين، ولا يجوز تدخل البشر الخطائين فيما لا يعنيهم، فالحاكم ظل الله على الأرض، لكن الواحد شيقول؟ الفلبينيون كلهم مجانين، ويش تنتظرون منهم؟ شنوا قال، قال ديقمراطية! شفتون ممثل تموت عليه البنات، يقوم يرشّح نفسه للسياسة! صج ما عنده مخ!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1834 - الخميس 13 سبتمبر 2007م الموافق 01 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً