إنّ ذاكرة الإنسان وما يدور حولها من أيديولوجيات هي من أهم المقومات الأساسية لتكوين فكره وحياته والطريقة التي يرغب العيش فيها سعيدا كان أم مقهورا متململا يشق حياته بصعوبة وقد يقرر له آخرون معظم خطواته ويسير مجرجرا رجليه لعمل كذا أو كذا.
وهو غير مدرك مدى تعاسته؛ لأنه لا إرادة لديه ليقرر نوع السلوك الذي يسعده. وضعيف في الأداء الحياتي ؛لأنه لا يرغب عن الانفصال عن القطيع الذي ملزم للتعايش والعيش معه. ومنهم مَنْ يتظاهر بالقناعة والالتزام ولكنه في الواقع يعيش حياة مدبلجة بحيث يفعل مايريده الآخرون... ولكنه له حياته الخاصة والمنفصلة تماما في كل اعتقاداته وانتماءاته يعني يمسك العصا من المنتصف!
ومن هنا نرى أن الفكر (The Mind) هو شيء شخصي جدا ولا يمكن اكتشافه بسهولة! ولذلك تصعب السيطرة على البشر والتحكّم في معتقداتهم وما يخبئونه.
والحكومات لا تريد ذلك فهي تفضّل القطيع المتجانس والمطاوع يسهل السيطرة عليه، ومن هنا باتت التجارب لمحاولتها غزو التفكير! كمثل اكتشاف أجهزة لاكتشاف الكذب... ولكن مع اختراع الشرائح الإلكترونية باتت السيطرة الكاملة قريبة جدا... على الجميع!
ونحن نلهو بالتليفونات النقالة والكمبيوتر لا ندرك مدى خطورة تلك الشريحة بداخلها وفي سهولة السيطرة على كل تحركاتنا ومعلوماتنا!
بدءا بالبطاقة الذكية التي باتت تحوي كل معلوماتنا الشخصية أمام موظف صغير في المصارف ليرى الموظف كلّ ممتلكاتك وأموالك على شاشة مضيئة وملونة فأنت كتاب مفتوح في المجتمعات الصغيرة والكل يعرف عنك كل شيء! وبتغير مكان الشريحة لا بوضعها بجراحة بسيطة تحت الجلد!
تقوم بتسجيل جميع تحركاتك على مدار الساعة، كمحاولتك للانضمام إلى أية جماعة غير مرغوب فيها سياسيا أو دينيا أو اجتماعيا!...الخ.
وآخر شريحة إلكترونية هي التي تزرع في المخ لتغيير السلوك الإنساني الإرادي... فهي قد تحوّلك من إسلامي أصولي... إلى مسيحي معتدل وأنْ تزيل منك أية عدوانية للأنظمة الحاكمة وتصبح مسالما وطيّعا تماما لكل ما يصدر إليك من أوامر وقوانين عليا وأنت سعيد لتنفيذها في الحال! وهذه الشريحة الـ (Chips) هي الأكثر خطورة ؛لأنها إضافة إلى رصدها للمعلومات التي بحوزتك فهي تقوم بتعديلها أو بإلغاء ما لا تريده من دماغك (The Mind) فهي بذلك سوف تتمكّن من خلق جيوش جبّاره مطاوعة جاهزة لتنفيذ الأوامر بحذافيرها ومن دون أية معارضة...
والغريب في الأمر أنّ هذه التجارب تقام في أكثر البلاد ديمقراطية وتقدما فهذا يرينا نوعية الديمقراطية الكاذبة التي تسود الغرب!
ولكن يراودني سؤال غريب، أنّه مع زرع هذه الشريحة في المواليد الجدد مثلا ومعظم الشباب! فلن يبقى هنالك منحرفون أو مجرمون أو مناهضون للحكم. فالجميع مطاوعون ومهادنون وتسير الحكومات وفق أنظمة واضحة لتسير القطيع وبذا تصبح بلادنا ذات شعوب تسيرها داخلها عقول من البطيخ الناضج الجاهز للأكل فقط! وليس للتفكير فستغلق حينها السجون والمدارس والجامعات؛ لأنها سوف تصدر لها الأوامر الثابتة وسوف تشحن فيها العلوم والمعلومات التي بحاجة الدولة فقط في العلوم والدراسات الأخرى والخدمات... وستلغى الحاجات الفردية العشوائية! حينها سوف تنتشر المستشفيات بكثافة بالغة والتي ستتنافس بعمل أرقى شريحة إلكترونية! لتحويل البشر إلى البطيخ.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 1833 - الأربعاء 12 سبتمبر 2007م الموافق 29 شعبان 1428هـ