العدد 1833 - الأربعاء 12 سبتمبر 2007م الموافق 29 شعبان 1428هـ

رؤية في الدوام المرن... (2)

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

أعتقد أنّ مجرد التفكير في تغيير الدوام المدرسي يعني بقاء مشكلة الازدحام المروري قائمة ربما إلى أجل غير مسمى بل أنّ الزحمة من شأنها أنْ تبقى مشكلة عالقة، ففي الظروف العادية الزحمة المرورية تكون في ذروتها في الفترات الصباحية وفي فترة الظهيرة عند انصراف التلاميذ من مدارسهم وخروج الموظفين من أعمالهم ولكن عندما نقرأ صورة الشوارع بعد تطبيق الدوام المرن سيكون المشهد جدا معقدا وصعب استيعابه إذ إن الزحمة ستكون في كلّ الأوقات و الساعات، وأعتقد بأن السائقين سيصابون بالذعر وبضغط الدم.

كما أنّ نسبة الحوادث حتما ستزداد بشكل رهيب وأيضا حوادث المشاة ستكون أكبر؛ لأنه سيكون هناك مَنْ يفكّر بأن يأخذ المشوار مشيا على الأقدام أفضل بكثير من البقاء في السيارة وتحت رحمة أبواق السيارات، وأتخيّل بأن البحرين ستكون القاهرة المدينة التي لا تنام والموسيقى التي ستكون أكثر رواجا هي أصوات الأبواق التي لن تهدأ، وعلى البيوت المطلة على الشارع من الآنَ أنْ تشتري لها كاتما للأصوات، حتى تستطيع أنْ تهدأ وتستريح.

نقدر لسعادة الوزير حرصه الدائم ورغبته الصادقة في حل القضايا التعليمية وأخذ زمام المبادرة، ولكن أظن بأن موضوع تغيير الدوام المدرسي موضوع جدا كبير ومعقد وشائك وأجزم بأنّ الأسلوب المستخدم حاليا أسلوب غير صحيح وغير مناسب ولا يمكن أنْ يخدم الموضوع، ويجب على الوزارة أنْ تحاول دراسة الموضوع من أوجه جوانبه المختلفة وبالمشاورة مع الأطراف كافة وعليها أنْ توضح إذا ما قامت فعلا في التشاور مع قطاع المعلمين أو جمعية المعلمين، ويجب عدم الاستعجال فيه بحجّة أنّ الدوام المرن ليس بغريب على البحرين إذ إنه مطبّق حاليا في المدارس الخاصة، فالمدارس الخاصة فيها الكثير من الجوانب الإيجابية إلى الآنَ وزارة التربية لم تلفت لها ولم تحاول اقتباسها رغم أنّ هناك إصرارا أكبر من شرائح المجتمع بضرورة التفات وزارة التربية لها والعمل على نقلها إلى المدارس الحكومية، ولكننا نجدها هذه المرة تهرول إلى اقتباس تجربة بعض المدارس الخاصة في الدوام المرن وأكّد بعضها إذ إنّ المدارس الخاصة هي الأخرى ليست جميعها تطبّق ما تنوي الوزارة تعميمه على المدارس.

الأمر الآخر الذي لا يقل أهمية في موضوع تداول تغيير الدوام المدرسي، بل يزيد أهمية أوضاع قطاع المعلمين والمعلمات، وموقف الوزارة منهم وموقفهم من وزارتهم، إذ لاتزال شريحة المعلمين إلى الآنَ يطالبون وبأعلى أصواتهم بضرورة إعادة النظر في تطبيق كادرهم التعليمي غير المجزي، كما يطالبون الوزارة بضرورة تحسين أوضاعهم المالية أسوة بغيرهم من القطاع نفسه في الخليج العربي إذ إن رواتبهم جدا شحيحة ولا تتناسب مع أدوارهم التي تتسع يوما بعد آخر، ومهام عملهم ومسئولياتهم ولا تتناسب مع حجم العطاء المطلوب منهم، فكيف للوزارة أن تنتفض حاليا وترغب في تغيير الدوام من دون مشاورة المعلم ومن دون الالتفات إلى ضرورة أخذ رأيه، خصوصا بأن الدوام المرن يعني زيادة أعباء المعلم وزيادة أوقات دوامه وزيادة مسئوليته وربما نصابه من الحصص، كل ذلك يكون بالمجان من دون أدنى تعديل أو تغيير في وضعه، ومع ذلك عليه أنْ يكون إيجابيا ومتفاعلا مع القرار وعليه أنْ يعمل بكلّ ما يمكن من إمكانات لتنجيح القرار، عمليا لا يمكن التعويل كثيرا على نجاح القرار ميدانيا إذا كان المعلم أساسا غير مرتاح وغير مقتنع بضرورة تغيير الدوام، فهو لايزال لا يكف عن التذمر والضجر من حجم المسئوليات الملقاة على عاتقه، ولايزال يصرخ الويل وهو لايزال أسير الدوام غير المرن فما بالكم مع الدوام المرن؟

على الوزارة اليوم قبل الغد أنء تنهي عهد التهميش وعليها أنء تحاور المعلم وتناقشه وتفكّر في إرضائه طمعا في تحقيق الأهداف التربوية وإنجاح مشاريعها التربوية، فلا أحد يراهن على أهمية توفر النفسية الجيّدة لدى الموظف بشكل عام لكي يحقق ما تصبو إليه المؤسسة من أهداف، فما بالكم بالمعلم الذي عليه أنء يكون أكثر انشراحا وأكثر رضا لكيلا تؤثر نفسيته السيئة على عطائه وعلى تفاعله مع المادة التي يقدّمها.

أظن بأن الوزارة لديها الإمكانات الحقيقية لتذليل الصعاب، وتحقيق الطموح الكبير متى ما أرادات بعيدا عن سياسات الفرض والإقصاء، وعليها أنْ تؤمن بالشراكة في صناعة القرارات، وليس فقط في تنفيذ القرارات.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1833 - الأربعاء 12 سبتمبر 2007م الموافق 29 شعبان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً