جاءت زيارة الممثل الخاص للشئون الاجتماعية في وزارة الخارجية الأميركية غروفر جوزيف ريس إلى المنامة أمس الأول ولقائه بالصحافة والمجتمع المدني والمسئولين بمثابة خطوة جدية أطلقتها الإدارة الأميركية من خلال هذا المنصب الذي يعد حديث العهد في متابعة ومكافحة ممارسات أصبحت ظاهرة ومشكلة دولية عبر استعراضها ووضع حلول وقوانين تحد من تفاقمها، وهذه الخطوة تتناغم مع توجّه لجان الأمم المتحدة المتخصصة في حقوق الإنسان والمعنية بحماية الفئات التي قد تتعرض للاضطهاد، مثل المرأة، الأطفال، المعوقين، العمال المهاجرين، خدم المنازل، والأشخاص الذين تتم المتاجرة بهم من أجل العمل في الدعارة أو في ظروف غير إنسانية.
توسّعت دائرة نشاط هذه الممارسات حتى أصبحت لا تمثل دولة أو دولتين بل العالم أجمع، وقد تكون قضية الاتجار بالبشر والاغتصاب في مناطق النزاع والحروب على رأس القائمة والأمم المتحدة أصبحت تركز على دول الخليج، وأيضا واشنطن التي أرسلت ممثلا لها برتبة سفير لمناقشة هذه القضايا.
ريس الذي جاء إلى العاصمة البحرينية ليحث حكومات المنطقة على الالتزام فيما يتعلق باحترام حقوق الإنسان وقضايا أخرى قبيل قمة سنوية تنعقد في مقر الأمم المتحدة بنيويورك في وقت لاحق من الشهر الجاري، قد يكون ما حمله «جرس إنذار» لدول ما زالت أوضاعها كما هي لم تصحح وأخرى تحاول جاهدة لتحسين قوانينها للقضاء عليها بشكل تام مستقبلا حتى لو كانت تتمتع بسجل جيّد في حقوق الإنسان وبالتالي فإن مساعي واشنطن في الوقت الراهن تنصب بكامل ثقلها على تطوير وسن قوانين أممية وليس بالضرورة متعلقة بأوضاع هذه الدولة أو تلك. وهذا يعني أنّ قضايا معينة كانت لا تخص الدول الأخرى والأمم المتحدة لا تمس من بعد الآن السيادة الوطنية بل أصبحت تحت سلطة وصلاحيات الأمم المتحدة حتى لو كان ذلك يشكل نوعا من التدخل في شئون الدول ذات السيادة على أراضيها.
لكن كل هذا لا يمنع من القول إن هذا مسعى جديد من قبل الإدارة الأميركية للضغط على دول المنطقة لتبني سياسة أكثر صرامة حيال عمليات تهريب البشر من مختلف الأعراق والجنسيات التي تتوافد على المنطقة بأعداد كبيرة تستغل في أوجه مختلفة مثل: الدعارة والتعذيب وغيره من صور الاستغلال التي تناهض المواثيق الدولية وحقوق الإنسان، خصوصا بعد أنْ فشلت بعضها في مكافحة ذلك وضمان الحريات للأفراد.
وبما أنّ البحرين إحدى تلك الدول التي تسعى لمكافحة الاتجار البشر كما جاء في تقرير وزارة الخارجية الأميركية الأخير، لكنها ما زالت في ذيل القائمة بشأن ضمان الحريات الأساسية للعمالة الأجنبية في أراضيها فإننا الآنَ بحاجة إلى أنْ ننفتح على ممثلي الأمم المتحدة وأميركا وغيرهما لكي نتشارك في تجارب عالمية من اجل إزالة اسم البحرين من قوائم الاتجار بالبشر أو انتهاك حقوق الإنسان. لقد أصبحت المجموعات المعرضة للاضطهاد تحت الحماية الدولية، وهو عصر جديد في علم العلاقات الدولية.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1833 - الأربعاء 12 سبتمبر 2007م الموافق 29 شعبان 1428هـ