الشيخ هاشمي رفسنجاني يعلم أكثر من غيره النقاط التي أعاقته في الماضي، وهو الوحيد الذي يستطيع تحديد مستقبله بعد أن تسلّم رئاسة مجلس الخبراء الإيراني الأسبوع الماضي.
على إن بعض تلك النقاط التي عرقلته شكليّة، ولكنها مؤثرة للغاية. فهو أولا «شيخ» يلبس العمامة البيضاء وليس «سيّدا»... فالسادة يلبسون العمامة السوداء وهي علامة انتمائهم الأسريّ إلى أهل البيت (ع). وعلى رغم أنّ اللون التاريخي لآل البيت هو الأخضر، إلا إنّ الشريف الرضيّ كان قد لبس عمامة سوداء قبل نحو ألف سنة عندما تسلّم زعامة أسرة آل البيت، وأصبحت من حينها اللون الذي يتزيّن به من يود إعلان انتمائه لأهل البيت. ولعلّ الشريف الرضيّ لبس اللون الأسود لأنه عاش في زمن سيطرة البويهيّين (ينتمون الى الشيعة) على الدولة العباسية التي كان لون علمها أسود... وربّما إنّ الخشية كانت من تكرار ما حدث للإمام الرضا (ع) عندما تسلّم ولاية العهد في زمن المأمون، وقام الأخير بتغيير علم الدولة العباسية إلى الأخضر، ما أثار الرأي العام العباسي ضدّه.
مهما كانت الأسباب التاريخية، وعلى رغم أن اللون الأسود أساسا كان لون الدولة العباسية المعادية لأهل البيت من سلالة الإمام علي (ع)، فإنه أصبح رمزا ذا هيبة كبيرة في المجتمع الشيعي على مدى ألف عام... وعليه، وفي حال توافرت العمامة السوداء المساوية للعمامة البيضاء من ناحية الكفاءة الفقهية والعملية، فإن العمامة السوداء هي المفضلة لدى الشيعة.
نقطة أخرى هي انّ رفسنجاني من عائلة ثرية، بينما أكثرية رجال الدين الذين يتصدّرون الساحة الشيعية عادة يأتون من عوائل متوسطة أو فقيرة، وحتى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد فاز بالانتخابات؛ لأنه طرح نفسه على أنه قريب من الفقراء، ويلبس لبس الفقراء، ويأكل أكل الفقراء. ليس لرفسنجاني ذنب في أن يولد من عائلة ثرية، وليس حراما أن يصبح المرء ثريا، إلا أنّ المجتمع الشيعيّ لا يتعاطف كثيرا مع الأثرياء، وهذه نقطة ضدّه، حتى لو كانت شكلية.
نقطة أخرى هي ان رفسنجاني ليست لديه «لحية»، وهذا أيضا ليس ذنبه، لأن جلده من النوع الذي لا ينبت الشعر الكثيف فيه... ولكنّ المجتمع الشيعيّ لا يرحم الشخص الذي لا يمتلئ وجهه بالشعر الكثيف... وهذه نقطة «شكلية» أيضا تحسب ضدّه.
نقطة أخرى: رفسنجاني له أبناء يعملون في التجارة، ولديه بنت رياضية وسياسيّة كانت تتحرّك بقوّة قبل إسكاتها قبل أعوام، وكانت تدعو الإيرانيات إلى ركوب الدراجة النارية، وممارسة دورهن بشكل كامل... وهذه أمور ليست معتادة لدى المجتمع الشيعيّ، وهي أيضا تحسب ضده. غير أن لدى رفسنجاني كفاءات ومهارات يمكنه من خلالها التغلّب على النقاط الشكلية إذا ما أراد.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1832 - الثلثاء 11 سبتمبر 2007م الموافق 28 شعبان 1428هـ