العدد 1831 - الإثنين 10 سبتمبر 2007م الموافق 27 شعبان 1428هـ

«التربية» وتصحيح مجرى النهر

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

مسابقة «التربية» التي كشفت كيف تحوّلت فكرة رائدة تشجع على العطاء والترقي الطبيعي، إلى مشروع مدمّر للكفاءات، إنما هي طبقة واحدة من طبقات الفساد في أهم وأخطر وزارات الدولة. وإذا كتبت أمس إجمالا، فاليوم أكتب عن التفاصيل.

المسابقة يتقدّم لها المئات سنويا، طلبا للترقي الوظيفي، وتجري تصفيات أولية تنتهي باختيار العشرات، بعد اجتياز ثماني مراحل. إلاّ أن ما حصل هذا العام، فضيحةٌ أُريد التستر عليها، وإذا كانت الوزارة تمتلك الشجاعة فلتكشف الحقيقة ولتنشر الأسماء ليطمئن المتظلمون بعدالة الاختيار، فالردود الإنشائية الضعيفة التي تدبّجها العلاقات العامة لا تبرئ الذمة.

لديّ الآن مجموعة من الرسائل، والكثير الكثير من المعلومات، انشر المختصر المفيد منها، أملا في أن تبادر الوزارة إلى تشكيل لجنة تحقيق محايدة لكشف الحقيقة للرأي العام، فما يجري امتهانٌ لكرامة الوزارة وتقاليدها الوطنية العريقة، التي أُدخلت في نفق «التسييس» والتمييز في السنوات الأخيرة، فيما يشبه الأجندة السرية التي يرجعها كثيرون إلى التقارير المثيرة للجدل.

عشرات الأسماء التي بين يدي، وغالبيتهم نساء، هم من ضحايا سياسة التهميش، أو على الأقل هذا ما يعتقدونه في وزارتهم، فهم اجتازوا سبع مراحل من مجموع ثمان، ولم يبق أمامهم غير البرنامج التطبيقي، ولكن ما حدث هو أن الوزارة وقّعت معهم اتفاقا من أغرب الاتفاقات القراقوشية في التاريخ! إذ وضعتهم أمام خيارين: إما إعادة مراحل المسابقة من البداية، وإما انتظار المجموعة الثانية الجديدة حتى تقطع المراحل نفسها، وبالتالي تدخل المجموعتان معا، ليتم اختيار «الأكفأ».

المعلمون والمعلمات وقّعوا الاتفاق، ليس اقتناعا وإنما اضطرارا، خصوصا وهم يرون ما فيه من إجحافٍ وظلمٍ ظاهر. ومع ذلك فإن الوزارة نفسها هي التي أخلّت بالإتفاق من جانبها، حين اختارت من المجموعة الجديدة التي لم تكمل غير أربع مراحل، وكان التبرير أنها حقّقت درجات أعلى، وهو أمرٌ يصعب الاقتناع به في ظل غياب الشفافية ، ما أثار حفيظة من اجتازوا المراحل السبع، فهل من المعقول أن يتم اختيار 26 كلهم من الدفعة الجديدة، نصفهم من الإخوة الحاصلين على الجنسية حديثا، ويتم استثناء القدامى؟ وهل هذه اللعبة تدل على ذكاء؟

الطبخة احترقت وفاحت رائحتها، مع بدء الاتصالات «السرية» بالمعيّنين الجدد لإكمال الإجراءات، مع توصية «أخوية» بعدم البوح لأحد بذلك (علشان ما نريد وجع راس). وإذا كان العرب يقولون «كل سر جاوز الاثنين شاع»، فكيف بالعشرات؟ وهكذا باءت هذه المحاولة بالفشل، والأسماء التي وصلتنا إنما كانت عن طريق «التجميع»، فكل من بلغه اسم جديد نشره حتى تكوّنت قائمة يجري تداولها حاليا، وربما تكتمل بعد أيام، ما يسمح بطرح الكثير من علامات الاستفهام. فبالإضافة إلى تجاهل الاتفاق، ومحاولة خداع المدرسين والمدرسات، وعدم إكمال المراحل، فإن بعض أفراد المجموعة الثانية لا تتجاوز خبرتهم 5-8 سنوات، بينما هناك من يمتلك خبرات تمتد ما بين 10 و18 عاما في المجموعة الأولى، ولا ندري كيف ستعثر الوزارة على مبررات لكل هذه التناقضات.

إن ما يجري في الوزارة شيء لا يدخل العقل، وليس المطلوب من سعادة الوزير الذي نقدّر جهوده في النهوض بالوزارة، أن يتخذ موقفا مسبقا للدفاع عمّا يجري في وزارته حتى من دون علمه، وإنّما أن يتخذ موقفا وطنيا شجاعا ومسئولا لإنقاذها، بتشكيل لجنة تحقيق تبحث مثل هذه التظلمات للوصول إلى الحقيقة، ولا يصح ترك الوزارة مستنقعا كبيرا للفساد والعبث الحزبي، فتسليم أكبر وزارة إلى تيار ديني سياسي يستفرد بمقدراتها قرارٌ كلفته عالية. إحسبوها.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1831 - الإثنين 10 سبتمبر 2007م الموافق 27 شعبان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً