فى السابع من سبتمبر/أيلول الجاري، شنت مجموعة من الشخصيات العالمية البارزة، حملة صيام لمدة 40 يوما احتجاجا على الديون الخارجية المستحقة على أفقر بلدان العالم. ويشارك فى الحملة حائزون على جائزة نوبل ورؤساء دول ورجال دين وكتاب وعلماء من مختلف أنحاء العالم.
وعن الغاية من الحملة، صرح حائز جائزة نوبل للسلام (1980) لدفاعه عن حقوق الإنسان، أدولفو بيريث إسكيفيل «نريد إيقاظ الضمير العالمي والتمعن والمطالبة بسياسات موجهة للفقراء وإعادة توزيع الدخل».
وانضم إلى الحملة أسقف رأس الرجاء الصالح نينغونكولوا ندوغان، وعميد الكنسية الانغليكية والشاعر الإفريقي الجنوبي دينيس بروتوس، ورئيس تنزانيا السابق ببنجامين مكابا (1995-2005). كما انضم إليها رئيس زامبيا السابق كينيث كاوندا (1964-1991)، والأنثربولوجى الطبيب الأميركي بول فارمر، والمحللة والكاتبة الفرنسية سوزان جورج، وعالمة الاقتصاد البريطانية نوريينا هيرتز، ضمن شخصيات بارزة أخرى. وإضافة إلى الشخصيات، تشارك في الحملة 80 منظمة من 40 دولة فى أميركا اللاتينية والكاريبي وإفريقيا وآسيا والمحيط الهادي، من خلال شبكة تشكلت فى 1999 للعمل على إلغاء الديون الخارجية.
وتعتبر الحملة منطلقا لـ «أسبوع النشاط العالمي ضد الديون الخارجية ولمؤسسات المالية الدولية»، الذي تنظمه حركات ومنظمات اجتماعية من مختلف بلدان العالم من 14 إلى 21 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وستتبلور الحملة في صورة تظاهرات وصيام ومنتديات وورش عمل واستعراضات. وتستمر الحملة حتى 15 أكتوبر، وأطلقها الراعي والناشط الأميركي ديفيد دانكومب بواشنطن، بغية حمل الكونغرس على الموافقة على مبادرة لإلغاء ديون البلدان الأكثر فقرا والتخفيف من حدة الفقر المدقع المتفشي فى العالم.
وتعبر الحملة عن إتساع نطاق حركة عالمية آخذة في التشكل لمواجهة الإنعكاسات السلبية على إقتصادات الدول النامية، والإجحاف الذي يلحق بها جراء القيود والشروط التي تضعها الدول والمؤسسات المانحة لتلك القروض التي تتحول بشكل تدريجي إلى ما يشبه الديون المتصاعدة التي ترهق البلدان النامية وتشوه إقتصاداتها. وإذا أردنا أن نلجأ إلى شيء من التبسيط لموضوع في غاية التعقيد، ولكي نقرب مفهوم الديون الخارجية إلى أذهان القارئ، يمكننا أن نقول إن الشعار الذي أصبح يسيطر على العلاقات الاقتصادية الدولية في مختلف المجالات، ومنها تدفق رؤوس الأموال سواء في صورة استثمارات أو في صورة معونات أو في صورة قروض، هو «لا توجد وجبة مجانية». إذ لن تجد اليوم في العالم من يقبل بتقديم قروض أومساعدات، مهما بلغت إنسانيته، من دون مقابل الذي لن يكون بالضرورة في هيئة أموال فقط، وربما يمتد ليشمل جوانب سياسية واجتماعية تفوق في قيمتها المردود الإقتصادي أو المالي المفترض توخيه من وراء الإقراض.
ففي الغالب، وكما هو سائد في العلاقات الإقتصادية الدولية اليوم، يفرض الطرف الأقوى (المقدم لهذه الأموال) شروطه على الطرف الأضعف (المتلقي لهذه الأموال)، وتأتي في هذا السياق شروط المديونية الخارجية سواء كان الحصول على هذه الديون من حكومات صديقة أو شقيقة أو من صناديق التنمية أو من مصارف تجارية حكومية أو غير حكومية، أو من مؤسسات تمويل دولية وإقليمية مثل البنك الدولي والبنك الإسلامي وغيرها.
وإذا وضعنا الدول المانحة والمدافعين عن سياساتها جانبا، سنجد أن الأمر الذي مايزال يثير الكثير من الحوارات في صفوف من يرى ميلان كفة العلاقات الناجمة عن تلك الديون لصالح الدول المانحة، هو الإختلاف بشأن تعريف عالمي محدد وواضح المعالم بشأن تلك الديون والقوانين التي تسير العلاقات القائمة بين الأطراف الضالعة فيها.
ووضعت كل من منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومصرف التسويات الدولية تعريفا للديون الخارجية ينص على أن « الدين الإجمالي في تاريخ معين يعادل مبالغ الالتزامات التعاقدية الجارية والمؤدية إلى دفع المقيمين في بلد إلى غير المقيمين سندات وفاء الدين الأساسي مع الفوائد أو من دونها، أو دفع الفائدة مع سداد المبلغ أو من دونه».
ومثل هذا التعريف الواسع للديون الخارجية يتطلب نظاما مرنا لتدوين وإدارة الديون، ويتطلب المعرفة الكاملة للإلتزامات المالية الخارجية للدولة كافة، والتي تشمل ديون الحكومة، وديون البنك المركزي، وديون المؤسسات العامة والخاصة المضمونة أو غير المضمونة من قبل الحكومة، وتشمل أيضا العمليات المالية الأخرى ذات العلاقة بالاستثمار المباشر.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1831 - الإثنين 10 سبتمبر 2007م الموافق 27 شعبان 1428هـ