في تقرير نشرته أمس صحيفة «الحياة» اللندنية تحت عنوان « اللاجئون العراقيون في سورية يتقاسمون بلادهم... حتى بالذهب»، يستعرض جانبا قد يبدو خطيرا في تداعياته فيما لو انتقلت هذه العدوى إلى البحرين التي ساحتها خصبة لمثل هذه التقليعة التي يطلقها العراقيون وخصوصا من بعد تفشي دائرة العنف الطائفي عندهم وتصدير ثقافتها إلى دول المنطقة.

التقرير يقول « لم يجد العراقيون اللاجئون في سورية تعزية في مصيبتهم سوى التزين بمجوهرات تتخذ شكل خريطة بلادهم, يشعرون بالفخر لثوان معدودة وهم يتلمسون تلك الحلي التي تميز عقائدهم وأعراقهم, معبرين عن انتماءاتهم المختلفة: نعم، أنا سني، أنا شيعي، أنا كردي، أنا مسيحي...الخ» ليتذكروا بعدها أن بلادهم قتلت مرتين، مرة عندما احتلها الجيش الأميركي، ومرة أخرى عندما تقاسموها حتى بالذهب».

هذه الحلي التي تصاغ على شكل خريطة العراق تضم في وسطها رموزا دينية وأخرى تعبر عن الإثنية التي ينتمي إليها العراقي، وتبلغ أسعارها من أربعين إلى مئة دولار أميركي و هي تباع بكثرة في سوق الصاغة بسورية.

حتى الذهب لم يكن في منأى من نار الطائفية فجاء بطريقة أخرى ليعزز هذا المفهوم في ممارسات وافكار على هيئة « موضة» تدعو للبحث عن هوية مجزأة لا متكاملة - بمعنى أن المواطن العراقي ما عاد عراقيا فقط وهو ما يعكس حال الشتات التي جعلت من بلد مثل العراق للأسف مجزأ بلا ملامح كما كان في سابق عهده.

لن يكون الذهب فقط الأسلوب الوحيد بل هناك الصور والشعارات التي لها بعد سياسي أو مذهبي تعلق على خلفية زجاج المركبات أو تلك التي تعلق صورا على بعض المحلات، فهي تخدم الغرض نفسه و التوجه نفسه الذي يدعو إلى فرقة المجتمع لا وحدته، وهي مشاهد نراها بأم أعيننا في شوارع ومناطق البحرين المختلفة حتى أصبح منظرا مألوفا على رغم خطورة أبعاده لاسيما في ظل تنامي صوت الطائفة والمذهب لا الوطن بكل ألوانه وأطيافه التي تشكله وتمثل نسيجه.

إن العراق أنموذج للفرقة التي لا نريدها، وهواليوم يضاعف آلامه من خلال انطلاقه في ممرات وعرة تثير نعراته الطائفية بدلا من أن ينطلق بخلفيته الثقافية التي عرف عنها وعرف عنها الآخرون. الامر الذي لا نحبذ أن ينتقل إلى أي بلد عربي مهما كانت أزماته ومطباته السياسية. وبالتالي فإن وحدة الوطن مرتبطة بإبعاد الدين والمذهب عن الساحة السياسية على اعتبار أن الوحدة تجمع الجميع من دون استثناءات.