صعود الشيخ هاشمي رفسنجاني إلى موقع رئيس مجلس الخبراء الإيراني خبر جيد بالنسبة إلينا في الخليج العربي... فرفسنجاني رجل الثورة ورجل السياسة ورجل المفاوضات ورجل الحوار ورجل النفوذ. إنه من طبقة متمكنة اقتصاديا في إيران قبل الثورة العام 1979، وهو صاحب أفكار ووجهات نظر عملية مشهود لها. وقد كانت زيارته للسعودية قبل عدة أعوام عندما كان الملك عبدالله بن عبدالعزيز وليا للعهد مؤثرة، وكان قد حضر للصلاة في الحرم المكي الشريف وحينها كان الخطيب يتهجم على الشيعة، ولكن حكمته مع حكمة خادم الحرمين الشريفين تمكنتا من احتواء الموقف من دون تبعات.
رفسنجاني رجل يتحمل الصدمات، ولو أن الإحباطات التي تعرض إلينها كانت في طريق شخص غيره لانتهى أمره منذ فترة غير قصيرة. وبالنسبة لنا في دول الخليج العربي، فإننا نأمل من عودته إلى مواقع النفوذ الكبرى في إيران أن تساهم جهوده في عقلنة الأجواء التي تشوشت لأسباب غير واقعية وليس لها مبرر من الأساس، ولاسيما مع وجود أشخاص مثل مدير صحيفة «كيهان» حسين شريعتمداري الذي يكتب ويطلق تصريحات ضد البحرين ودول الخليج والدول العربية بصورة مستمرة. ومن بين تصريحاته الخاطئة ما يكرره من أن الدول العربية ليس لديها تاريخ أكثر من مئة عام، على رغم أن «مصر» التي ذكرها القرآن الكريم معروفة بتاريخ يمتد آلاف السنين، ودمشق أقدم مدينة مازالت معنا، و«دلمون» البحرين وغيرها من حكايات التاريخ التي يعرفها الجميع تمتد لأربعة آلاف سنة في عمق التاريخ.
لقد أدى تقليل نفوذ شخصيات عقلانية مثل رفسنجاني إلى انتشار أصحاب الشعارات الفارغة التي شوهت سمعة إيران وأدت إلى توتير العلاقات بين إيران ودول الجوار ودول العالم... وإيران - مهما كان الأمر - دولة مهمة جدا وذات أثر تحتاجه المنطقة فيما لو تم توجيهه بصورة أكثر إيجابية، ويمكن لإيران أن تلعب دورا يعزز الثقة والأمن والاستقرار من خلال الدبلوماسية العقلانية التي يمكن أن يؤثر فيها أشخاص من نوعية رفسنجاني. إن أملنا ألا يتمكن المحافظون من تقليم أظافر رفسنجاني كما قلموا أظافر السيدمحمد خاتمي، وأملنا في رفسنجاني أن يعيد مجد إيران الثورة العاقلة التي تجذب ولا تنفر، والتي تقرب ولا تبعد، والتي تساهم في البناء وليس في تأجيج الأجواء.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1831 - الإثنين 10 سبتمبر 2007م الموافق 27 شعبان 1428هـ