خمس سنوات مرت من رصيد تجربتنا في صحيفة « الوسط» البحرينية، هكذا مرت السنوات التي عاشت فيها الصحيفة بحلو ومر المرحلة الانتقالية في البلاد أي من بعد إلغاء محكمة وقانون أمن الدولة السيئ الصيت، والذي بدوره كان إنجازا كبيرا لا يضاهيه أي إنجاز.

غير أن مشروع صحيفة « الوسط» إنجاز آخر على صعيد صناعة الصحافة والإعلام في بلد كان يضم صحفا لا تبحث ولا تنشر في غالبها إلا الخبر الرسمي والعلاقات العامة، بينما الحادث الحقيقي المستمد من واقع الشارع البحريني فقد كان مغيبا أو معدلا برتوش تضاف من أجل إضفاء حقيقة زائفة لا تريد منها تلك الصحف التي كانت تعمل في مرحلة «الممنوع» أن تزعل هذه الجهة أو تلك بحجة إبعاد « الشوشرة» إلى غيره من الكلام الذي كان يطلقه بعض العاملين في الصحف الزميلة للمحررين على الدوام والذي يبدو أنهم تغيروا قليلا لمواكبة المتغيرات التي أوجدت جو منافسة قوية في العمل الصحافي اليوم.

فما تطرحه «الوسط» حاليا و ما طرحته خلال تجربتها في السنوات الخمس هو ما كان الممنوع في هذه الصحف والذي (ربما) كان قد يستمر لولا «الوسط» التي دفعت إلى التغيير في كل شيء حتى فيما يتعلق بواقع أثاث المكاتب وشكل الصحف وأوضاع الصحافيين معنويا وماديا، ما جعل الأمور تتبدل وتأخذ منحى آخر، فلولا المنافسة التي أوجدتها «الوسط» لكان حال الصحافة المحلية وحال الصحافيين كما كان.

هذا الكلام ليس من قبيل المبالغة بقدر ما هو حقيقة ناقدة وواقع عايشته شخصيا وعايشه آخرون من بعض الزملاء، الذين وأنا منهم كنا نبحث عن متنفس آخر لإطلاق إبداعاتنا في العمل الصحافي الذي يسمح لنا بنقل الخبر كما هو من مكان الحادث إلى صحفنا المحلية مباشرة التي للأسف غالبا ما كانت تمنع نشر أخبار هي الخبر الحقيقي لعملنا كصحافيين، وبالتالي يصبح المواطن يبحث عن أخبار الوطن الحقيقية عبر وسائل إعلام أخرى أجنبية التي مرة تنقلها بصدقية ومرة بشيء من المبالغة.

لكن هذا الوضع تغير مع صدور « الوسط» التي شجعت صحفا أخرى بحكم المنافسة وفي مقابل التصريح والتعليق الرسمي إلى تغطية ونشر خبر التظاهرة والاعتصام والمعارض والمؤيد والحقوقي بموضوعية ومهنية بعيدا عن أسلوب التشهير والتضخيم كما كان يحدث سابقا.

ونحن على أمل أن تنتقل عدوى التغيير في أجواء الصحافة المكتوبة إلى وسائل الإعلام المرئي والمسموع في البحرين لأن المستوى الذي وصلت إليه الصحافة وهامش حريتها أكبر بكثير من الإعلام المرئي الذي أيضا الإعلام المسموع أفضل منه لأنه يتواصل مع قضايا الشارع وهموم المواطن بصورة أكثر جرأة .