في العام الماضي وفي هذا التوقيت والذكرى نفسيهما طرحت سبب التحاقي بالصحافة و«الوسط»، وذلك بعد حوار ساخن دخلته مع كاتبة صحافية بحرينية معروفة في الورشة الإعلامية الوحيدة التي نظمتها جامعة البحرين في صيف 2001 وقام على تنظيمها رئيس تحرير صحيفة بحرينية حالية.
الحوار تلخص في سؤال وجهته لي تلك الكاتبة بعد نقاش طويل، وهو: بما أنك تدرس الإعلام فأين ستذهب، وخصوصا أنك غير راضٍ عن أداء الصحف البحرينية (قبل صدور «الوسط»)؟
فكان جوابي لن أعمل في الصحافة، إذا ما بقيت هذه صحافتنا.
الوضع تغيّر بعد تلك الورشة الإعلامية، التي من خلالها تعرّفت على طريقي إلى «الوسط» إذ وصلْتُ إليها قبل الانطلاق بأيام فقط، كلّ شيء كان جديدا حتى الجدران التي لم تطل بعد، والأبواب والطاولة الدائرية التي يلتف عليها المحررون كانت لم تثبّت بعد، إلا أنها كانت الفرصة الحقيقية لأثبت لتلك الكاتبة أنّ الصحافة البحرينية تتغير ولن تبقى على حالها السابق، فها أنا ألتحق بالصحافة التي كنتُ أحلم بها وليستْ تلك التي كانت تحاول أنْ تقنعني بها، إذ الوضع تغيّر حتى على مستوى الجدران والحيطان والطاولات، مزيحة بجديدها كلّ الجهات التي لم تكن تعر الإعلام أي اهتمام، بل على العكس كانت تحاول أن تتمادى على المنبر الإعلامي الجديد وتتعالى عليه من فوق أبراج عاجية تهاوت بقدوم صحافة جديدة تراقب وتنقل الحدث باتزان وصدقية.
ما كنت أحلم به من صحافة متغيّرة تحاكي واقع مر لبشر حاصرهم الإعلام الرسمي وشبه الرسمي لسنوات طوال ضرب كلّ تلك العروش التي كانت تعتقد الكاتبة أنها الواقع الذي لا بديل له، ولابدّ من التعايش معه والرضا به، فعاشت سنوات من عمرها الطويل في هذه المهنة مرتهنة بإعلام سلطوي غير قادر على أداء واجبه الإعلامي الصحيح على رغم كل المتغيرات العالمية التي حدثت.
«الوسط» جاءت في العام 2002 لتكسر أصنام قريش في ذلك الوقت وتخترق حواجز الخوف، وتغيّر واقع الإعلام في البحرين.
كانت «الوسط» ومازالت صاحبة الفضل في تغيير ذلك الواقع حتى وإن قال البعض إنه لا يصل إلى مرحلة الرضا والطموح، وخصوصا أنّ الوصول إلى هكذا مرحلة يعني التوقف والنهاية.
شهدت «الوسط» بعد خمسة أعوام من الصدور تغيّرات كثيرة في تركيبتها، وعلى رغم كل ذلك فإنّ التغيير أثبت أنّ «الوسط» قوية رصينة بمن جد فيها ووجد، بغض النظر عمن ارتأى طريقا غير «الوسط».
خمس سنوات وصحيفتنا تحارب من أجل تحرير الإعلام البحريني من قيود الإعلام السلطوي، لكن على رغم كلّ هذه السنين يبقى أمام «الوسط» الآن ما هو أخطر مما كان، وهو الحفاظ على مستوى المهنية وحمايتها من فيروسات التشويه والتحريف في زمن أصبح الجميع يدعي فيه «الوصل بالإعلام»
إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"العدد 1828 - الجمعة 07 سبتمبر 2007م الموافق 24 شعبان 1428هـ