زادت الموازنة المرصودة لوزارة الكهرباء والماء بمقدار يقارب من 90 في المئة مقارنة مع سنة 2005، فقد كانت في العام 2005، 87955000 مليون دينار، وفي العام 2007 بلغت ما يقارب 168678000 مليون دينار. ولكن المواطن لم يشعر بحدوث تحسّن مقارنة مع السابق، فالكهرباء مازالت تنقطع عنه منذ أكثر من 4 أعوام، غير أنّ هذا العام أسرفت الوزارة في الاستهتار بالمواطنين، فالدائرة الشمالية الثانية تنقطع عنها الكهرباء أربع أو خمس مرات يوميا ولمدد تصل إلى أكثر من ساعة، والحجّة وجود عطب في محوّل الـ 66 ألف فولت في محطة المقشع الفرعية، وهذا الحال مستمر منذ 27 أغسطس/ آب الماضي ولحد كتابة هذه السطور. إذا المسألة ليست في الموازنة بقدر ما هي في أولوية الجهات التي تصرف فيها هذه الموازنة، وبعض المواطنين كما يبدو ليسوا أولوية، وخصوصا مواطني شارع البديع.
يوجد توسّع في البلاد لإقامة الأبراج والبنايات الشاهقة والمصانع والمجمعات التجارية، وهذه تستنزف نسبة كبيرة مما تنتجه وزارة الكهرباء، وفي الوقت نفسه، ترفع الضغط على شبكات التوزيع المتهرئة، ومن ثم فإنّ التضحية تكون دائما بأهالي القرى الذين لم تزد مصروفاتهم ولم تنم قراهم إلا بنسبة ضعيفة جدا، وبعض القرى لم تزدد رقعتها منذ عقود بأكثر من 20 في المئة كقرية القدم - مثلا.
الوزارة ليست جادة في حل المشكلة بالمستوى الذي تحمله هذه الخدمة من حيوية وضرورة للمواطن، والمسألة ليست كما يقول وزير الكهرباء ولا يمكن تعقل ما قاله من ضغط عمل ثلاثة أسابيع في ثلاثة أيام... المسألة ليست في عدد القوى العاملة المطلوبة، وإنما في متطلبات العمل ذاته ومراحله المتدرّجة، فمن يود إقامة مبنى فإنّ طبيعة مراحل العمل تؤخره، فلا يمكن إقامة الجدار من دون القاعدة، ولا يمكن البدء بالتوصيلات الكهربائية من دون الجدران... إلخ، فكيف تم ضغط عمل ثلاثة أسابيع في ثلاثة أيام؟ أما استبدال محول بآخر، فهي قضية يدركها كلّ فني، ويعلم مدى سهولتها وسرعة إنجازها. محرّك الطائرة الذي يتعطل يحتاج إلى ربما أسابيع لتصليحه، ولكن الطائرة لا تتعطل؛ لأن المحرّك يتم استبداله بآخر في وقت قصير جدا، والمحرّك الآخر (التوربين) تُجرى له الصيانة اللازمة، ويوضع في المخزن كاحتياط. أمّا هنا، فإنّ الوزارة ليس لديها احتياط لاستبدال هذا المحوّل الموجود في المقشع بآخر، فلا تخطيط ولا احتياطات ولا... وهذا إنّ دل على شيء فإنما يدل على عدد من الأمور، ليس أقلها الاستخفاف بساكني هذه المناطق، الذين مازالوا يكابدون النصب والجهد وعدم الاستقرار نتيجة التقطع المستمر للكهرباء، فالمدارس قد فتحت أبوابها، والأولاد لم ينتظم نومهم، فمن يستطيع الجلوس خارج المنزل فضلا عن داخله في هذا الجو الحار والرطب؟
وأعجب من موقف النواب الصامتين عمّا يجري من استهتار بمواطني الدائرة الشمالية الثانية، وكأنما المسألة لا تخصهم، فقط ينتظرون تطوّر الأوضاع وخروج الناس عن طورهم حتى ينبروا ويوزعوا اللوم بالتساوي على الحكومة وعلى الناس. أليس مخجلا ومعيبا أن يقرأ الخليجيون مثل هذا المقال عن موقف حكومة خليجية تجاه مثل هذه القضية الخدمية الملّحة؟! حين كانت الموازنة تعاني من عجز بمقدار يقارب من 39 مليون دينار سنة 1990 والمصروفات وصلت تلك السنة 536.6 مليون دينار، لم نكن نعرف مشكلة اسمها انقطاع الكهرباء، تحدث حاليا بعد 17 سنة حيث الزيادة الرهيبة جدا في الموازنة.
الوضع لا يُطاق، فهناك مرضى ومعوقون من الكبار الذين يصعب التنقل معهم كلما انقطعت الكهرباء، بجانب الإرباك الذي مازال سيد الموقف مع الأولاد ومتطلبات الدراسة. الكهرباء تنطفئ في أي وقت، وليس لها وقت معلوم، في الليل والنهار وفي أوقات مختلفة يوميا... الكل في الدائرة يعاني بشدّة من هذا الإرباك..
ملاحظة: أحد المجمعات السكنية التي يقطنها أجانب في قرية المقشع، والواقع غرب رويان على الشارع الرئيسي، قد تم تزويده بمولّد ضخم تابع لوزارة الكهرباء، موجود على مدخل المجمع مباشرة... يا ويل مَنْ أخطأ ووضعه على البوابة، يشاهده الغادي والرائح
إقرأ أيضا لـ "عباس هاشم"العدد 1828 - الجمعة 07 سبتمبر 2007م الموافق 24 شعبان 1428هـ