انتخب مجلس الخبراء الإيراني الثلثاء الماضي الشيخ علي أكبر هاشمي رفسنجاني رئيسا له بعد حصوله على 41 صوتا مقابل 34 صوتا لصالح الشيخ أحمد جنتي، الذي كان مدعوما من «المحافظين» بقوة، ولكنه لم يستطع التغلب على رفسنجاني في آخر الأمر.
انتخاب رفسنجاني لرئاسة مجلس الخبراء جاء بعد وفاة الرئيس السابق للمجلس الشيخ علي المشكيني. ويعتبر وصول رفسنجاني إلى هذا المنصب أهم إنجاز حققه منذ وفاة الإمام الخميني في 1989. فقبل ذلك كان رفسنجاني يعتبر ثاني شخصية بعد الإمام الخميني في السياسة الإيرانية، وكانت لديه وجهات نظر مختلفة في عدة أمور. فقد كان من الذين أقنعوا الإمام الخميني بضرورة إيقاف الحرب الإيرانية - العراقية في منتصف ثمانينات القرن الماضي عندما تغلبت إيران على العراق في المعارك، ولكن لم يؤخذ برأيه بعد أن أصرّ قادة الحرس الثوري على مواصلة الحرب حين ذاك، وقد أدى ذلك إلى انهزام إيران أمام القوات العراقية قبل انتهاء الحرب في العام 1988.
ثم إن رفسنجاني كان من أهم القادة الإيرانيين الذين دعموا اختيار السيدعلي خامنئي مرشدا للثورة بعد وفاة الإمام الخميني مباشرة، ولكن التغييرات الدستورية التي جرت قبل ذلك منحت المرشد صلاحيات واسعة جدا، تفوق تلك التي كانت ممنوحة دستوريا للإمام الخميني، وعليه فإن أفكار وآراء ونفوذ رفسنجاني انحسر كثيرا خلال الثماني عشرة سنة الماضية. فرفسنجاني كان يطرح فكرة القيادة الجماعية، وهي تعني تقليل صلاحية «الولي الفقيه»، وكانت تلك فكرته حتى في العام 1979 عندما كتب دستور الجمهورية الإسلامية. ولكن آنذاك كان رئيس الهيئة التي كتبت الدستور الشيخ حسين علي منتظري، الذي أصرّ على مركزية المواد الدستورية الخاصة بولاية الفقيه، وهذا أدى إلى تراجع رفسنجاني. وعلى رغم أن منتظري غيّر أفكاره لاحقا إلا أنه كان أسس للصلاحيات المركزية والواسعة لمفهوم ولاية الفقيه، وهي الصلاحيات التي تمت توسعتها أكثر قبيل وفاة الإمام الخميني العام 1989.
رفسنجاني كانت تطلق عليه في الثمانينات مسميات كثيرة، تشير إلى أنه كان «مهندس الثورة» بعد رحيل آية الله بهشتي في أول أيام الثورة الإسلامية، وقد اعتمد عليه الإمام الخميني كثيرا في تسيير شئون الحرب وشئون النفط والاقتصاد، قبل أن يأفل نجمه لاحقا.
من الناحية النظرية فإن مجلس الخبراء له الحق في تعيين وعزل مرشد الجمهورية الإسلامية (الولي الفقيه)، وهذا يعني أن رفسنجاني الذي اختفى أثره خلال السنوات الماضية يعود اليوم وبقوة وفي موقع يمتلك نفوذا كبيرا في الشأن الإيراني
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1828 - الجمعة 07 سبتمبر 2007م الموافق 24 شعبان 1428هـ