إيقاع أمسيات البحرين هذه الأيام «فوق»، فبمعدل كلّ يوم تقريبا تقام فعاليات وندوات ثقافية واجتماعية، وأن تلبي كل الدعوات هذا مستحيل، وعلى رغم الانتقاء في حضور الفعاليات يجد المرء نفسه على شفا حفرة من الإرهاق بفعل السهر اليومي والعدو في الماراثون الثقافي البحريني! مساء الإثنين الماضي الموافق 3 سبتمبر/ أيلول الجاري وعند الساعة الثامنة مساء وجدت نفسي أساوم الإرهاق لتلبية دعوة كريمة من نادي مدينة عيسى الثقافي لحضور ندوة بعنوان «العلاقة الواقعية بين صحافة الفن والفنانين»، وعلى رغم أنني في هذا اليوم كنت مدعوة لحضور فعاليتين أخريين، لذا حرصت على تلبية دعوة نادي مدينة عيسى ؛لأنها ترسي أدبا جديدا في العلاقة ما بين الصحافة والفنانين.
نظم الندوة نادي مدينة عيسى الثقافي والرياضي وبالتعاون مع منتديات نجوم البحرين، وقد شارك في محاور الندوة الزملاء: عبدالرحمن صالح صحيفة «الوطن»، أسامة الماجد صحيفة «الأيام» ووفاء جناحي (صحيفة أخبار الخليج)، أما إدارة الندوة فقد كانت للمذيعة المتألقة زينب عباس.
من إشراقات السهرة الحضور المميز لنجوم المجتمع والصحافة، فقد كان من بين الحضور فنانون كبار بينهم: إبراهيم بحر، سعد الجزاف، سعد البوعينين، أحمد الصايغ وغيرهم، كما لم تخلُ الندوة من الممثلين المبتدئين، والذين حضروا للاستفادة من الطرفين (الصحافة والفنانين الكبار) ومن بينهم طاقم المشارك في مسرحية «ليالي شهرزاد»، كما برز في الندوة حضور المذيعة المتميزة معصومة عبدالكريم التي أثرت الندوة بملاحظات ومشاركات قيّمة، هذا بالإضافة إلى الفنان المتألق يوسف محمد.
أجمل النقد ما كتب عن محبة
الندوة وعلى رغم التعب والإرهاق فقد كانت جميلة ومنظمة في المضمون والحضور، وقد استمتعت بها فعلا، لذلك وضعت لها مانشيت بارزا «أجمل النقد ما كتب عن محبة وصداقة وتعاون»! إذ اتسمت الندوة بشفافية عالية جدا، وبصدق ومحبة وعتاب بين الفنانين والصحافة، لكنهم خرجوا جميعا من هذه الندوة أو «المصارحة» أن صح التعبير صافي النية ومتحابين، إذ أنّ جميعهم كان غرضهم في كلتا المهنتين الرقي بهذا المجتمع وتقديم الأفضل لهذا البلد المعطاء.
بدأت الندوة باستعراض المذيعة زينب عباس لسيرة المحاضرين (أسامة، عبدالرحمن، وفاء)، ثم بعدها تركت المجال لعبدالرحمن للحديث عن المشكلات التي يعانيها الفنانون، إذ وجد عبدالرحمن أن هناك مشكلات في كل الأقسام الفنية، ولكن مشكلة الممثلين، وخصوصا المبتدئين أو الجدد فهي تختلف، إذ رأى أن عيب غالبية هؤلاء الاستعجال على الشهرة، إذ يتسابقون في نشر صورهم وأخبارهم في الصحف، وعندما تغفلهم الصحافة يوما، فإنهم يمحون من ذاكرة الجمهور أو القارئ... وكأن من يصنع الفنان هو ظهوره بشكل يومي في الصحف، متناسين أنّ الفنان القدير هو من عاش وذاق المر في الوسط الفني، وذلك بحسب تعبيره.
الصحافي فقير!
ونوه عبدالرحمن إلى أن هناك بعض الفنانين ينزعجون عندما يغفل هذا الصحافي أو ذاك بعض أخباره، ظنا منه بأن هذا الصحافي يعمل لديه.
من جانبه، أوضح أسامة أنّ العلاقة بين الصحافة والفنانين ممتازة جدا، منوها إلى أنّ «الفنان ما له بد من الصحافة». وأشار إلى أنّ الصحافة تنقل وتنشر ومن دون تمييز أيضا أخبار الصحافيين، معتبرا أن هذا يعد عُرفا للصحافيين.
ألا أنّ الماجد لم يغفل الإشارة إلى أنّ هناك بعض الفنانين (وهم محدودون بحسب تعبيره)، يتصوّرن أن الصحافي فقير لما سيقدمونه لهم، لذلك تجدهم يرغمونه على كتابة خبر معين. وأوضح أنّ الصحافة تهتم بالفنانين، وخصوصا الشباب وتدعمهم.
أما وفاء فرأت أنه لا توجد مشكلات كثيرة بين الصحافة والفنانين، إذ قالت: «لا توجد بيننا وبينهم مشكلات كثيرة وإنما إذ انتقدت كصحافي أي عمل من أعمال هؤلاء الفنانين فإنهم يعتبرونه انتقادا شخصيا». وأشارت إلى أنّ العلاقة بين الفنانين والصحافة تصل إلى حد الصداقة، موضحة بأن الفنان البحريني «مسكين ومظلوم»، والصحافة لا تريد أن تظلمه أكثر.
عملية طردية
وفي سؤال عن عملية الإنتاج، أوضحت المذيعة زينب عباس أنّ العملية طردية، إذ إنه إذا قلّ الإنتاج قلت الأخبار الفنية، فكيف يستطيع الصحافي تذكر القارئ بهؤلاء الفنانين؟
من جانبه، أوضح عبد الرحمن أنّ أعمالنا البحرينية محصورة في شهر رمضان فقط، مشيرا إلى أن لدينا في البحرين أكبر عدد من الفنانين، إلا أن شركات الإنتاج هي التي تظلمهم.
أما أسامة فأوضح أنّ الفنان يبحث عن الصحافي والصحافي بدوره يبحث عن الفنان، مشيرا إلى أنه إذا شاب العلاقة بين الاثنين الخداع، فإنّ العلاقة لن تكون ناجحة. وأضاف إلى أن هناك فنانين يتهرّبون من الصحافة، وهذا قد يدل على قلة وعي من هذا الفنان وربما تقليل من شأن الصحافة المحلية.
كما أشار أسامة على أنّ الصحافيين وليبقي الفنان على اتصال مع القارئ والجمهور قد يقومون بإعداد تحقيقات يستعرضون من خلالها الوجه الآخر للفنان، إلا أنه يأسف بأن هناك بعض الفنانين الذين يقللون مما يقوم به الصحافي.
أما وفاء فرأت أنّ الأمر يتطلب مبادرة من الجانبين، مشيرة إلى أن هناك فنانين يعتقدون بأن الاتصال في الصحافي قد يعني انهيار كرامته وهذا غير صحيح. وأوضحت بان العلاقة هي عبارة عن عملية تبادل، فهناك فنانون لديهم هذا المبدأ ويتصل بالصحافي ليوصل أخباره، بين آخرين لا يؤمنون بهذا المبدأ.
كيف نصل للفنان؟!
تحت هذا السؤال أشار عبدالرحمن إلى أن هناك عددا من الفنانين «كل يوم لهم رقم»، موضحا إلى أنهم مازالوا يديرون أعمالهم بطرق متخلفة، وضرب مثالا بأنه لا يوجد فنان بحريني لديه موقع إلكتروني، موضحا أنّ غالبيتهم يعملون بطرق بدائية. كما أشار إلى أن هناك فنانين يحجب أخباره عن الصحف البحرينية، فيما ينشرها في الخارج، وهذه حركة قد يقوم بها على اعتبار أنّ هذا يمنحه شهرة، ومن ثم يطلب منك أنْ تأخذ الخبر من تلك الصحيفة، وهذا عمل غير صحيح.
صحافة خبرية بحتة
من جانبه، أضاف أسامة على كلام عبدالرحمن السابق أنّ الصحافة الفنية البحرينية هي صحافة خبرية بحتة، منبها إلى أنّ هذا يضع الصحيفة في إشكال. أما بشأن وجود صفحة كاملة ويومية في الصحف تهتم بالفنان البحريني، فأشار الماجد إلى أنّ هذا صعب جدا، منوها إلى أنه من الصعب جدا أن تستطيع إعداد صفحة يومية وكاملة عن الفنانين البحرينيين. بعد انتهاء هذه المحاور المهمة جدا في وضع «النقاط على الحروف بشأن العلاقة بين الصحافة والفنانين) بدأ المنتدون بأخذ آراء الفنانين والحضور في هذا الموضوع، وهنا سننقل لكم أبرز هذه الآراء:
الفنان القدير إبراهيم بحر رأى أنّ اتصال الفنان بالصحافي لينشر أخباره شي ليس بالجيّد، موضحا أنّ الصحافي النشيط هو من يسعى للحصول على الأخبار.
وقال: «مَنْ يريد أنْ يمتهن مهنة المتاعب وهي الصحافة، فعليه أنْ يحارب ليحصل على أخباره ؛ أي أنْ يتعب للحصول عليها».
وبشأن موسمية الأعمال الفنية، خالف بحر المحاورين في هذه النقطة، مشيرا إلى أنّ الأعمال الفنية لا تقتصر على التلفزيون، بل أنّ هناك 6 مسارح بحرينية كلّ يوم عندها أعمال وندوات وورش عمل وبروفات.
وللرد على هذه النقطة التي أثارها الفنان إبراهيم بحر، أشار عبدالرحمن إلى أنّ الصحافي لا ينقل فقط أخبار الفنانين الفنية، بل هي قد يطرح قضاياهم ويحاول إيجاد الحلول لها. وأوضح عبدالرحمن أن الصحافة بدأت تصنع الفنانين، مشيرا إلى أنه قد يكون لبعضها دور في غش الجمهور وصنع نجم جديد.
الفنان المهمش
من الحضور كان للفنان القدير سعد الجزاف رأي مميز، إذا أوضح أنه شعر بالإحباط، موضحا أنّ الواقع الفني في البحرين متردٍ، بل إن الفنانين مهمشون، ولديهم ما يكفي من المشكلات (عندهم بلاوي بحسب تعبيره).
وأضاف أنّ الصحافة البحرينية صحافة خبرية فعلا، مشيرا إلى أنه يجب على الصحافي أنْ يبحث عن الحقيقة وأنْ يرصد ما يقوم به هذا الفنان أو ذاك. وأوضح أنّ الفنان البحريني بحاجة إلى متابعة ونظرة وسؤال عنه، متمنيا أن يبعد الصحافي العلاقات الشخصية عن عمله المهني.
أما الفنانة فرح محمد (خبيرة تجميل)، فقد لامت الصحف المحلية لكونها تهتم فقط بمتابعة أخبار الفنانين، متجاهلة ما تقوم به الفنانات في مجالها، إذا أشارت إلى أنها تقيم ورش تدريب ودورات، إلا أنّ الصحف لا تهتم بنشر ما تقوم به، على رغم أنْ ما تقوم به يساعد على نهضة وتطور هذا المجتمع.
الخبر الموحد
من جانبها، شاركت المذيعة معصومة عبدالكريم في الندوة طارحة سؤالين أحدهما بشأن الخبر الموحد الذي يرسله الفنان أو الإعلامي للصحف، والثاني عن توحّد الجهود الصحافية في صناعة الفنان والنجم البحرين الذي يمثل بلده كسفير للنوايا الحسنة وما إلى ذلك.
وردا على السؤالين، اتفق المحاورون الثلاثة على أنّ الخبر الموحّد بادرة طيبة من الفنان أو الإعلامي، مشيرين إلى أن الصحافي هو الذي يستطيع تغيير نشر الخبر باتصاله بالفنان وأخذ المزيد من التفاصيل أو بإضافة الخلفيات التاريخية للفنان.
أما بشأن توحّد جهود الصحافيين، فأعرب المحاورون الثلاثة (عبدالرحمن، وأسامة ووفاء) عن أنّ الصحافيين يحاولون ذلك، ويتمنون أن ينجحوا في ذلك. وتعليقا على هذه النقطة، كشف الفنان إبراهيم بحر أن هناك اتجاها لإنشاء جمعية للفنانين لتكسر الحواجز التي يتعرّض لها.
في ختام هذه الندوة سجلت لنفسي ذاكرة الحضور ساعات لا تنسى مع إبداعات فنية متنوعة سجلوا أسماءهم بأحرف من نور في تاريخ الفن البحريني واستطاعوا أن يحجزوا لأنفسهم مكانا خاصا في القلوب؛ لأنهم فنانون صادقون ووحده الصدق الفني هو الذي يحصد كل هذا الحب.
خرجت من السهرة وأنا أقطف زهرتين زهرة البنفسج وزهرة الياسمين، البنفسج كانت لنا في الصحافة الفنية التي تسعى لأن تكون الأفضل، أما الياسمين فكان لكل الفنانين والإعلاميين، وهي كورقة عهد منّا على أن تبقى صحافتنا البحرينية الفنية محافظة على شفافيتها وصدقيتها.
العدد 1828 - الجمعة 07 سبتمبر 2007م الموافق 24 شعبان 1428هـ
Hogan
نرجو و يرجو كثير من الأشخاص وارجو انا شخصيا من وزارة اللإعلام لابحرينية الن تضهر بعض المسلسلات او المسرحيات اللتي ليست منتشرة وان تضهره للشعب كله فذالك ليس امر سلبي بل هو امر ايجابي لنعكاس صورة الشعب البحريني على الشعوب الاخرى