العدد 1826 - الأربعاء 05 سبتمبر 2007م الموافق 22 شعبان 1428هـ

تسألني لماذا الليل؟!

الليلُ قبعةُ الرُخامِ وكعبُ سيدةٍ (يطقطقُ) في الممراتِ التي تُفضي إلى كأسينِ من قلقٍ، يُعيدانِ المَجازَ إلى حقيبتِهِ، وترتيبَ المسافةِ بين عاهرةٍ وعابرِها، ووضعَ البرتقالِ البَضِّ داخلَ قشرِهِ، والليلُ متكأُ الكلامِ و(رَوْجُ) سيدةٍ لها نفسُ الملامحِ كلّما انسكبتْ تراودُني المشاعرُ ذاتُها، والليلُ فوضى الحبرِ ينزلُ من مراهقةِ العبارةِ رقصَ افريقيّةٍ لقوامِها عضلاتُ أنثى تمتشقنَ البحرَ من أسمالهِ، والليلُ موسيقى الذين تنازلوا عن حقِهم في الحزنِ والسلوى، كأن قلوبَهم زُبَرُ الحليبِ، يوزّعونَ البحرَ في الأكياسِ للثملينَ والسُوّاحِ نورسة تجاهرُ بالمدى، والليلُ عاصمة الكمانِ، دويُّ جيتارٍ يمشّطُ خدَّ هذا الشارعِ الممتدِّ من أقصى مواجعِهِ لآخرَ فوّهاتِ النايِ.تسألني لماذا الليلْ؟

الليلُ متحفُ نادلٍ يتناوبون عليهِ بالبشرى حفاةُ الليلِ، يخرجُهم من العُلب الأنيقةِ ثم يدخلُهم إلى العُلبِ الأنيقةِ ثم يخرجُهم، وتبقى جوقةُ الأوباشِ ساهرة تَعدُّ خُيوطَ سيدةٍ تدلّتْ من هضابِ (الألبِ) وأمتدتْ على عِنباتِ ساحلِ عاجِها، امتدّت ولم تكملْ خشوعَ الضوءِ. تسألني لماذا الليل؟

الليلُ خاصرةُ الظلامِ، نبيذُ سيدةٍ يسيلُ على رخامةِ صدرِها الأبنوسُ عريانا فتمسكهُ وتطلقهُ حماما يستبيح بكارةَ الأفقِ المُهدّدِ بانقراض غيومِهِ، والليلُ هذا مهرجانُ اللهِ. تسألني لماذا الليل؟

الليلُ مأوى الوَحْشِ، قلتُ لهم: أدرّبهُ على التقوى، أحرّضه عليَّ، سمعتُ موسيقى. فلمّا ناهزُ القلقَ المُقَدّدَ، قلتُ ثانية: أدرّبهُ على التقوى، أحرّضه عليَّ، أمنحُه إذا لم يصغِ نهرا من أغانٍ ليس تعجبه لئلا يستفيقَ فلا يرى شيئا يحرضه وتسألني لماذا الليل؟

العدد 1826 - الأربعاء 05 سبتمبر 2007م الموافق 22 شعبان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً