العدد 1825 - الثلثاء 04 سبتمبر 2007م الموافق 21 شعبان 1428هـ

«التربية» وتحقيق أهداف الألفية!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في لقاء مع خبير التنمية البشرية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالبحرين علي سلمان، عن «مجتمع المعرفة»، سألته عن تقييمه للمعلم البحريني وما يمكن أن يلعبه من دور في خلق «مجتمع المعرفة»، فقال إن المعلم البحريني معلم مثابر يستطيع أن ينجز الكثير، لكن هناك نواقص من ضمنها ضرورة وجود رؤية واضحة للتعليم وسلّم وظيفي ودورات متخصصة يرتقي من خلالها المعلم، وتغيير كادر المعلمين، مع توفير الحوافز ليستقطب التدريس الكوادر المتميزة.

جواب سلمان كان واضحا، وتمكن من تشخيص جانب مهم من الداء الذي يعاني منه نظامنا التعليمي من خلال موقعه الأممي. وكشف أن الحكومة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أجرت دراسة قبل 3 سنوات لواقع التعليم بالبحرين بهدف الوصول إلى تعليم متميز، والخروج بتوصيات جوهرية لزيادة جودة التعليم.

في أدبيات الأمم المتحدة الحديثة، تبرز مفاهيم «الحكم الصالح»، و«الحقوق الكاملة للأفراد والجماعات»، و«ضمان تساوي الفرص أمام جميع المواطنين». وهي مفاهيم عالمية مشتركة تمثّل خلاصة ما انتهت إليه التجربة البشرية المعاصرة، للوصول إلى مجتمع عادل تحكمه المساواة أمام القانون، والمحافظة على كرامة البشر، ضمن معادلة متوازنة بين الحقوق والواجبات. ولا أعتقد أن عاقلا يرفض هذه المفاهيم الفاضلة والقيم الجميلة التي جاهدت من أجلها البشرية عبر القرون.

هذه المفاهيم ليست غريبة على حضارتنا وثقافتنا، بل هي من صميم التراث الفكري الإسلامي، وهي حجةٌ على أي تيار أو جمعية تعمل على الاستئثار بمواقع النفوذ في أي مؤسسة يتم تمكينها منها وفق حسابات سياسية قصيرة النظر. وخطورة هذه السياسة أنها تعمل على نخر الوطن كالسوس، لأنها «استملاك ما لا يجوز استملاكه» حسب تعبير الباحث الأكاديمي نادر كاظم. والمشكلة أنك إذا تكلّمت لفضح بعض طبقات الفساد المتراكم قيل انك طائفي أو «تسيّس الموضوع».

محاكمتنا للتيار للتذكير بما يتم ارتكابه من أخطاء وخطايا بحق هذا الوطن، وما ستخلفه سياسة الاستئثار من مآسٍ في المستقبل. فالمتفاخرون بالانتساب إلى تيار «الاخوان» التاريخي، لا يمثلون إلا أنفسهم وتيارهم ومصالحهم الفئوية، وهم متورطون إلى درجة أن أحد مؤسسي هذا التيار، قدّم شهادة للتاريخ، في حديث خاص، إذ قال: «لن يدخل الجنة إلاّ عبدالرحمن النعيمي».

أحد شخصيات التيار البارزة، كان يتفاخر بحيازة أكبر مساحة ممكنة من النفوذ في هذا الموقع الحكومي أو ذاك، معتبرا ذلك ذكاء ونجاحا، ولكنه نسي ما ينتج عن ذلك التمكّن من نشر لقيم وممارسات الفساد تحت عباءة الجماعة، خصوصا في التربية والتعليم. فـ «الأنصار» و«الأصحاب» و«الأحباب» تضمن لهم الوظائف والترقيات والبعثات، بل وصل الأمر إلى التوصية على الزوجات، فيتم توظيف زوجة أحدهم سكرتيرة بالثانوية العامة، بينما توجد حاملات شهادات عليا عاطلات... ثم تأتي الوزارة لتتحدث عن التوظيف حسب الكفاءات والمعايير الفنية البحتة.

العارفون ببواطن التربية، أبدوا استغرابهم أمس من تحول الرقم المعلن سابقا عن استقدام 200 معلم من الخارج إلى 400 ويقولون - والعهدة على الراوي- انه يتم اختيارهم من جمعيات من وراء الحدود تحمل التوجه الديني نفسه، ثم يتهمون منتقدي ممارساتهم الفئوية بـ «التسييس»!

مكتب الأمم المتحدة الإنمائي متفائل جدا من امتلاك البحرين للكثير من المقومات التي تؤهلها لبلوغ «مجتمع المعرفة»، بينما الحسابات الفئوية الضيقة التي تجري على الأرض ستعيد البحرين إلى عصور الإقطاع والاستئثار و«استملاك الحقل العام».

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1825 - الثلثاء 04 سبتمبر 2007م الموافق 21 شعبان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً