العدد 1825 - الثلثاء 04 سبتمبر 2007م الموافق 21 شعبان 1428هـ

الحجاب في تركيا... من رمز ديني إلى أداة سياسية

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

مع انتخاب عبدالله غول حديثا رئيسا للجمهورية التركية، برز جدل الحجاب مرة أخرى إلى المقدمة. وعلى رغم أن منع ارتداء الحجاب في الأماكن العامة بدأ العام 1998، فإن النقاش لم يتوقف أبدا بل وأنه اكتسب قوة اندفاع مع احتمال أن ترتديه السيدة الأولى التي تغطي رأسها. إلا أن الاهتمام المتجدد لا يأتي بالضرورة بوجهات نظر معمقة جديدة. الجدل الدائر في تركيا حول الحجاب ليس فقط حيا وإنما كذلك يواجه خلافا مستحكما.

ليست تركيا البلد الوحيد الذي يدور الحوار فيه حول الحجاب في دوائر مفرغة. قبل بضعة أسابيع ذكرت الصحف أن معلّمة ألمانية مسلمة رغبت في لبس حجابها أثناء قيامها بالتدريس «وبأسلوب غريس كيلي». وهذا يعني ارتداء الحجاب مع إظهار شعرها من الأمام. قررت المحكمة أن مشهد غريس كيلي في فيلم ما لا علاقة له بالأسباب الدينية وراء ارتداء الحجاب وبالتالي منعتها من لبس الحجاب.

اقتراحها كان عرضة للتساؤل قانونيا ودينيا. هدف الحجاب هو تغطية الشعر في محاولة لإخفاء تلك الأجزاء من جسد المرأة التي تحمل مضمونا جنسيا أو تظهر «زينتهن» «وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا»(النور:31) كما ذكر القرآن الكريم. لا يذكر القرآن الكريم بوضوح أنه يجب تغطية الشعر بشكل كامل، ولكن من خلال تفسير العلماء والحديث الشريف والفقه الذي تطور في المجتمعات الإسلامية عبر السنين، جرى تفسير الآية كذلك.

ينزع أصحاب الفكر العلماني لأن يناقشوا بأنه يجب منع الحجاب لأنه رمز لظلم المرأة، وهم يعتقدون أن المرأة التي تلبس الحجاب أو النقاب أو البرقع مضطرة لأن تفعل ذلك بضغط من زوجها أو التقاليد المجتمعية لمنعها من عرض الكثير من أنوثتها.

يجب أن يُسمح للمرأة حسب العلمانيين، أن ترتدي ما تريده للتعبير عن نفسها بحرية. ولكن ماذا عن هؤلاء النساء اللواتي يخترن بحرية ارتداء الحجاب؟ وماذا عن النساء اللواتي يجمعن بين التعبير الفردي والتقاليد الدينية من خلال ارتداء الحجاب؟

تُظهر زوجة رئيس تركيا الجديد، على سبيل المثال، أن جميع الأمور يمكن أن تسير معا بشكل مثالي. بعد حوار محتدّ بشأن ما إذا كان يجب على زوجة القائد الرمز لدولة علمانية أن ترتدي الحجاب علنا، تم اقتراح حل وسط: ستحصل زوجة غول على نوع جديد من الحجاب بحسب الموضة مصمم من قبل صديق شخصي ومصمم أزياء في نيويورك.

ليست هذه فكرة جديدة جدا في الواقع. ففي شوارع إسطنبول يرى المرء أشكالا مختلفة من الحجاب بحسب آخر الموضات في كل مكان. ترتدي الكثير من النساء المتشحات الحجاب بألوان زاهية بأسلوب لا يزعج بالتأكيد مصمما مثل فرساتشي. مثلهن مثل معظم النساء، يحاولن الظهور بأفضل صورة ممكنة، وبالتأكيد لا يفسد الحجاب هذه الجهود.

ولكن طبعا يقول الكثيرون عن ارتداء الحجاب بهذا الأسلوب هو نفاق. فمادة تستخدم عادة لجعل المرأة أقل إثارة جنسيا أصبحت الآن امتدادا لجاذبيتهن. مرة أخرى إذا وجد الناس أمرا يعارضونه في ثيابهن.

لسوء الحظ، يبدو أن النساء لن يكن الفائزات. فبأي أسلوب يرتدين به الحجاب أو لا يرتدينه، يصل النقاش إلى طريق مسدود.

الواقع أنه ليس نقاشا، إنه شرك ينصبهُ الرجال للإيقاع برجال آخرين، والطُعم هو المرأة.

الرجال العلمانيون يقولون: «الأسلوب الذي تفرضون فيه على نسائكم كيف يرتدون هو عدواني غير محتمل». ويقول الرجال المتدينون: «الأسلوب الذي لا تسمحون فيه لنسائنا بأن يظهرن غير ديمقراطي وغير محتمل». ولكن الأمر الوحيد غير المحتمل هو أن الحوار يستخدم النساء ككرة طاولة بين الطرفين.

يستخدم كلا الطرفين رمزا له معنى متغير لأهداف شخصية وسياسية. لا يشكل الحجاب الذي يمكن ارتداؤه لأسباب عديدة مختلفة مشكلة بحد ذاتها. ولكن التصرف كأن للحجاب معنى واحدا هو المشكلة. وقتها فقط يصبح الأمر جدلا بين إكراه النساء على ارتدائه والاحتجاج ضده.

إلا أن المشلكة الأكثر شدة ليست تبسيط المشكلة إلى أداة سياسية. مثل ذلك ضد النساء اللواتي يرتدينه مشكلة أسوأ. ليس المهم ما إذا كنا نجعل من النساء أهدافا «جنسية» أو «دينية» أو «سياسية». يجب عدم اعتبار البشر أهدافا في أي نقاش كان.

* عالم ديني بلجيكي يقيم في تركيا وهو محرر «Yunus News» الموقع على الإنترنت المكرس لجمع وتمحيص وتحليل الأخبار الدينية، وهذا المقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1825 - الثلثاء 04 سبتمبر 2007م الموافق 21 شعبان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً