إن الإسلام بما يحمله من مفاهيم وأفكار وما يمثّله من إمكانات وطاقات تتمثّل في إمكانات بلدان العالم الإسلامي والعربي والشعوب والحركات الإسلامية، لايزال في موقع الرصد والمتابعة والملاحقة من بعض الإدارات الغربية التي تصرّ على التعامل معه كعدوٍّ مخيف أو كجارٍ يبعث على القلق، ولايزال معظمها يتجنّب البحث في أصل المشكلة التي انطلقت من خلال النظرة المتعصّبة حيال المسلمين ومن خلال الدعم المتواصل لـ «إسرائيل» والإصرار على مصادرة ثروات العالم الإسلامي ومقدراته. ولذلك، فإننا نعتقد أن الإسلام يتصدّر لائحة المطلوبين دوليا، على رغم الكلمات التي تصدر عن هذا المسئول الغربي أو ذاك، والتي تمتدح الإسلام في الظاهر، لأننا نستمع إلى كلمات أخرى تحمل ما يكفي من الإيحاءات التي تؤكد استهداف الإسلام كدين. وصدرت في الأيام الأخيرة مواقف أوروبية تتماهى مع مواقف أميركية سابقة تحذّر من حلم الخلافة الإسلامية الذي يتطلّع إلى استقطاب شعوب الأمة كلها تحت هذا اللواء من إندونيسيا إلى نيجيريا... ويضاف إليها ما يتحدث به بعض المسئولين الأميركيين عن الحضارة الإسلامية التي تسعى لابتلاع العالم، ولعلّ اللافت أن هذه المواقف تتزامن مع الحديث الأميركي الصريح عن قيادة العالم، وكأن العالم هو ملك لأميركا تتصرف به ما تشاء، وتلوّح بنذر الحرب لمن يخالف سياسة إدارتها أو من يتطلّع نحو استقلال حقيقي لبلاده.
إن سياسة التخويف من الإسلام التي تشترك فيها إدارات أوروبية - في هذه الأيام - إلى جانب الإدارة الأميركية تمثّل جزءا من محاولات التعمية عن الحملة العدوانية التشويهية التي يتعرّض لها الإسلام نفسه في مفاهيمه، والتي يتعرّض لها المسلمون في بلادهم، إلى كونها خدمة مجانية لـ «إسرائيل» في نطاق الحرب العالمية التي تقودها جهات عالمية متعددة ضد العرب والمسلمين، والتي تمثّل الفتن المذهبية والطائفية حيثية من حيثيّاتها.
إن تصوير الإسلام كحضارة تحاول اجتياح الحضارات الأخرى، وتصوير المسلمين كحالة عالمية شاذّة، هو افتئاتٌ على الحقيقة وتشويه للواقع، لأن من يعمل لاجتياح العالم في مفاهيمه وقيمه وثرواته وإنسانه، هي الإدارة الأميركية التي تزعم أنها تشنّ حربا على الإرهاب في العالم ولا تستهدف في هذه الحرب إلا المسلمين وبلادهم في الوقت الذي تمارس إرهاب الدولة في احتلالها للبلاد الإسلامية وتدعم الإرهاب الصهيوني إلى أبعد الحدود.
ولذلك، فإننا نريد لبعض الدول الأوروبية ألا تلتحق بالسياسة الأميركية، وخصوصا في الوقت الذي بدأت الإدارة الأميركية تدفع فاتورة إخفاقاتها في المنطقة، كما نريد لبعض الإدارات السياسية الغربية المعنية بالمسألة اللبنانية ألا تلعب فقط دور الحامل والناقل للرسائل الأميركية في المنطقة وفي لبنان، وألا تنخرط في اللعبة الأميركية لتعتبر خسارة أميركا في المنطقة خسارة لها، وربحها هو ربح للغرب في معركته ضد الإسلام؛ لأن ذلك سينعكس عليها وعلى ما تتطلع إليه من دور في قادم المراحل.
إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"العدد 1824 - الإثنين 03 سبتمبر 2007م الموافق 20 شعبان 1428هـ