مازالت تداعيات أزمة العقار المحدقة بالولايات المتحدة تلقي بظلالها على الأقتصاد الأميركي. وكما يقول مراسل تقرير واشنطن، أسامة عبدالله: «طغت أزمة القطاع العقاري في الولايات المتحدة على ما سواها من قضايا اقتصادية طيلة شهر أغسطس/ آب، وستستمر تبعات الأزمة لفترة طويلة من الزمن، وقد ظهرت تداعياتها سريعا على البورصات الأميركية ومنها إلى البورصات الأوروبية والآسيوية حتى وصلت تداعياتها إلى البورصات الناشئة ومنها البورصات العربية».
ويرجع عبدالله أسباب الطفرة التي شهدها قطاع العقار الأميركي وساهمت فيها معظم المؤسسات المالية إلى أسباب عدة يمكن تلخيص أهمها في النقاط الآتية:
- التوسع في الإقراض للمؤسسات العقارية وشركات المقاولات التي تقوم بعملية الاستثمار في القطاع العقاري، وتتعدى القروض في القطاع العقاري أكثر من 700 مليار دولار.
- قيام المؤسسات المالية الكبرى ومنها المصارف بالاستثمار المباشر في قطاع العقارات، وقد انصبت نتائج هذا التوسع في مجال الإقراض الإسكاني والرهن العقاري في صالح هذه المؤسسات على المنظور قصير الأجل.
وتشير الكثير من التقارير الدولية إلى أن الاستثمارات العقارية أو المرتبطة بأصول عقارية في أميركا بدأت تلمس المشكلات والصعوبات نتيجة ما نشأ جراء تخلف سداد القروض العقارية الممنوحة برهونات وضمانات غير كافية، كذلك لحقيقة أن كثيرا من القروض الإسكانية منحت للمقترضين من ذوي تاريخ الاعتماد أو سجل الائتمان الضعيف أو المعدوم، وبالتالي غير مؤهلين للحصول على أسعار الفائدة الأقل السائدة في سوق القروض العقارية المضمونة برهونات من الدرجة الأولى.
ويشبهه مدير الاتصالات الخارجية في سوق دبي المالي العالمي مارك فيشر بالنمر، الذي «إذا تحرك داخل الاقتصاد العالمي أحدث فيه ربكة، وإذا هدأ استمتعت التجارة العالمية بشيء من الاستقرار»، مبينا أن أي تدهور في العقار الأميركي»سيشكل عامل ضغط كبيرا على الدولار وهي العملة العالمية، ما يعني أن أثره سيطول جنوب العالم وشماله بطريقة أو بأخرى».
ويعتقد فيشر أن البيانات السيئة والمتلاحقة التي تقول: «إن قطاع الإسكان في الولايات المتحدة يتجه نحو الأسوأ» تزداد سوءا، مضيفا أن قناعته تزداد رسوخا بتردي تلك السوق، وخصوصا «إذ ما علمنا أنه وخلال الشهور الماضية، اهتزت أسواق الأسهم الأميركية بسبب تراجع أسعار أسهم المؤسسات المالية وشركات التجزئة التي واجهت زيادة في حالات التخلف عن سداد القروض العقارية، وما زاد من القلق أن مزيدا من الضعف في أوساط المقترضين سيكون من شأنه أن يبطئ الاقتصاد الأميركي». ويكشف تقرير صدر حديثا عن وزارة التجارة الأميركية أن نشاط تصاريح البناء، وهو مؤشر على خطط البناء في المستقبل، قد تراجع إلى أدنى معدلاته في 10 سنوات ما يعكس مزيدا من الضعف في سوق الإسكان الفاترة. وأوضح تقرير الجمعية الوطنية للبنائين في أميركا حينها أنه ومع تشدد مؤسسات الإقراض والتمويل الأميركية في منح الائتمان والتمويل العقاري فإن معدلات الطلب شهدت تراجعا ملحوظا ما أثر في رغبة الشركات العقارية والمطورين في الاستثمار في بناء مساكن جديدة، الأمر الذي يقود بالضرورة إلى حالات ركود قد تتحول إلى أزمة اقتصادية مزمنة.
وتطرقت التقارير التي تناولت الأزمة التي تعصف بأسواق المال العالمية، نتيجة انكشاف سوق الائتمان العقارية في أميركا، وما نتج عنها بما اصطلح على وصفه بـ «غبار بركان»، الذي لا يمكن الجميع إلا أن ينتظروا ثورته ويترقبوا موعد انفجاره، وستحين تلك اللحظة حين يكتشف الخاسرون خسائرهم وبعد أن تقف المؤسسات المالية الدولية على حقيقة عمق المشكلة التي نتجت عن إقراض المحتالين، أو قروض اللاأخلاقيين، كما يقول بروك ماسترز وساسيكا شولتس في تقرير نشرته «الفاينانشيال تايمز» اللندنية. وكل المؤشرات تدلل على أن الأزمة مقبلة على تصاعد تصحبها المزيد من التفاعلات التي من الطبيعي أن تؤدي إلى إرغام بعض المؤسسات المالية على إعلان خسائرها، وبعد أن تغلق عدة صناديق تحوط، فليس هنالك ـ وفقا لقوانين الاقتصاد التقليدية ـ أي طريقة للتكهن بعدد الصناديق التي ستفشل لأن أسواق الضمانات بقروض ضعيفة الملاءة غير سائلة وغير شفافة، وصناديق التحوط قيمت الضمانات باستخدام نماذج أعطتها حرصا ملحوظاَ في الأماكن التي تدرك فيها الخسائر.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1823 - الأحد 02 سبتمبر 2007م الموافق 19 شعبان 1428هـ