المعرفة تختلف عن المعلومات. وعليه، فإن مجتمع المعرفة يختلف أيضا عن مجتمع المعلومات. المعلومات يمكن تخزينها في أجهزة الحاسوب، ويمكن تحليلها باستخدام أجهزة الحاسوب، ويمكن نقلها عبر الانترنت والهواتف النقالة والفضائيات... ولكن المعرفة ليست كذلك. المعرفة تعتمد على توافر المعلومات وتستفيد من تكنولوجيا المعلومات، أما المعرفة فهي الخبرة العملية والمفيدة التي يمتلكها الإنسان، وهذه الخبرة لا يمكن تخزينها في الحاسوب، وحتى الذكاء الاصطناعي (الحاسوب الذكي) لم يستطع أن يخزن ويحلل ويتصرف كما يفعل الإنسان.
إن أهمية موضوع مجتمع المعرفة أصبحت واضحة منذ مطلع التسعينات من القرن الماضي، والمؤتمرات بدأت تكثر في هذا الموضوع. واليوم، مثلا، ينعقد في القاهرة «المؤتمر الدولي السنوي للتعليم والتدريب بالانترنت» تحت عنوان «نحو مجتمع المعرفة». ويتوقع أن يناقش المؤتمر: التنمية التكنولوجية وتحسين العملية التعليمية وتبادل الخبرات وخلق فرص تصديرية لخدمات التكنولوجيا والتعليم، وتشمل المحاور حقوق الملكية الفكرية والمكتبات الرقمية والمقررات الالكترونية وإعداد المعلم والطالب إضافة إلى البنية التعليمية الالكترونية والوسائل الالكترونية وتطبيقاتها في التعليم، فضلا عن التواصل المستمر مع الخبراء والباحثين في شتى أنحاء العالم لتبادل الخبرات بين الجامعات ومراكز البحوث وبيوت الخبرة.
المعرفة إذا ترتبط بالانسان، والحاسوب وتكنولوجيا المعلومات الأخرى ما هي إلا أدوات يستخدمها الانسان المعرفي... تماما كما أن الفلاح يستخدم المنجل، والعامل يستخدم المطرقة، فإن الانسان المعرفي يستخدم المعلومة. وكما أن الحقل الزراعي لم يلغِ المزارع، وكما أن المصنع لم يلغِ العامل، فإن الحاسوب لا يلغي الانسان... الفرق هنا أن الانسان يصبح سيدا على المعلومة وليس أسيرا للإقطاعي (في حال الفلاح)، كما أنه ليس أسيرا للرأسمالي (حال العامل). الإنسان المعرفي سيد المعلومة، وهو إنسان متعلم وخبير ويعرف كيف ينتج المعلومة، وكيف يطور المعلومة وكيف يستخدم المعلومة، إنه «مشغل للمعرفة»، على حد تعبير بيتر دركر knowldege worker وهو على هذا الأساس شخص مكتمل الكرامة والحقوق وينمو في بيئة الحكم الصالح الشفاف.
المجتمع المعرفي هو ذلك المجتمع الذي يتكون معظم أفراده من الأشخاص المتعلمين تعليما متطورا وهم الذين يستخدمون ذلك التعليم في مختلف مجالات الحياة، ويستفيدون من تكنولوجيا المعلومات (كما يستفيد الفلاح من منجله والعامل من مطرقته) ويخلقون مستويات عالية من العيش الكريم... وملحق «الوسط السياسي» اليوم يناقش تحديات المعرفة في البحرين.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1822 - السبت 01 سبتمبر 2007م الموافق 18 شعبان 1428هـ