العدد 1821 - الجمعة 31 أغسطس 2007م الموافق 17 شعبان 1428هـ

جموع غفيرة تشارك في تشييع الفقيد عبدالرحمن كانو إلى مثواه الأخير

بعد مشوار حافل من المساهمات الاقتصادية والاجتماعية والرياضية ...

ودّعت البحرين أمس واحدا من أبنائها الذين كانت لهم مساهمات تنموية مشهودة في المجتمع البحريني وهو رجل الأعمال الراحل عبدالرحمن كانو الذي رحل يوم أمس الأول تاركا سجلا كبيرا من المساهمات الاقتصادية والاجتماعية والرياضية بالإضافة الى دوره في دعم العمل الخيري والتطوعي والثقافي على مستوى البحرين والخليج.

وشيعت حشود غفيرة من بعد صلاة الجمعة أمس جنازة رجل الأعمال البحريني الفقيد عبدالرحمن كانو بعد الصلاة على جثمانه في جامع أحمد الفاتح الى مثواه الأخير بمقبرة المنامة.

وعلى رغم الطقس شديد الحرارة والرطوبة أمس، فإن المشيعين توافدوا للمشاركة في التشييع من مختلف مناطق البلاد عرفانا بدور الراحل في المجالات الاقتصادية والاجتماعية الخيرية والرياضية، اذ شارك في التشييع عدد من الوزراء وكبار المسئولين في الدولة وعدد من أعضاء مجلسي الشورى والنواب ورجال الأعمال وشخصيات دينية ورياضية بالإضافة الى جموع من المواطنين.

مكانة الفقيد في نفوس الناس

واستطلعت «الوسط» آراء عدد من الشخصيات البحرينية التي شاركت في التشييع التي أكدت أن الراحل كانو، تغمده الله بواسع رحمته، كانت له اسهامات مهمة لا يمكن حصرها، مجمعين على أن دور عائلة كانو كواحدة من أوائل العوائل البحرينية التي أسهمت بقوة في إرساء النشاط الاقتصادي والتجاري في البلاد كان دورا مساندا للتوجهات الحكومية في مجال توسيع الاستثمارات وإيجاد مشاركة حقيقية لرؤوس الأموال المحلية في تأسيس المشروعات التجارية والصناعية.

ووصف عدد من المواطنين مكانة الفقيد الراحل بأنها «مكانة الإنسان الذي لا يتردد عن مساعدة أي إنسان توجه إليه طالبا للمساعدة في أية قضية من القضايا أو استشارة أو توظيف، اذ كان يقدم كل ما يستطيع تقديمه للمواطنين، وخصوصا الشباب في مجالات الرياضة والعمل التطوعي، وكذلك في مجالات تقديم الدعم والمشورة للشباب المقبلين على تنفيذ مشروعاتهم الخاصة».

وقال أحد المواطنين الخليجيين :»لقد جئت للتو من الكويت للمشاركة في تشييع العم عبدالرحمن... فقده أحزننا، لكنها مشيئة الله عز وجل، مؤمنين بقضائه وقدره، ولا حول ولا قوة إلا بالله.. سائلين المولى العلي القدير أن يتعمده بواسع رحمته وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان».

عطاء متميز خدمة للوطن

ويعتبر الفقيد أحد الشخصيات البحرينية التي قدمت الكثير للبلاد، فهو شخصية لها مكانة خاصة لدى القيادة والشعب، ولا أدل على ذلك من شهادة رئيس الوزراء سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة في زيارته لمجلس عائلة كانو قبل أيام، إذ نقلت الصحافة قول سموه تقديرا لمكانة الراحل: «أتيت إليكم اليوم خصيصا لأشكر عبدالرحمن كانو لما يبذله من جهد ووقت ومال لصالح البحرين وشعبها، معربا سموه عن تقديره للجهود الطيبة التي يبذلها عبدالرحمن كانو في المجالات الشبابية والرياضية والاجتماعية، وما قدمه من عطاء مميز وخدمات طيبة تجاه وطنه ومجتمعه. وكان الفقيد رجل أعمال بارزا، ورجلا رياضيا كبيرا، وكان معروفا عند الجميع كونه أحد المساهمين البارزين في تشييد الكثير من المساجد والجوامع والمراكز الصحية والاجتماعية في مختلف مناطق المملكة».

وأبلغ العضو المنتدب بمدرسة كانو العطوي أن هذه المشاركة الكبيرة في تشييع جنازة الفقيد تؤكد مكانته في نفوس المواطنين، مؤكدا أن الراحل وافق على إطلاق خمس جوائز لأطفال البحرين في مجالات القصة والشعر والفنون والتراث والمقالات الثقافية سيتم الإعلان عنها قريبا، فيما كان - رحمه الله - يعمل على إنشاء جامعة حديثة وتم فعلا شراء الأرض المخصصة للمشروع.

وقال العطوي ان حلم إنشاء جامعة أكاديمية متطورة تخدم شباب البحرين وتتيح لهم فرص الحصول على تعليم عال ومتقدم من أهم الأمنيات التي كان ينتظر الراحل تحقيقها على أرض الواقع، وكان يطمح لأول يرى أول فوج يتخرج من مدرسته، لكن مشيئة الله سبحانه فوق كل شيء، مشيرا الى أن المشروعات التي وضع أسسها الفقيد سيتم تنفيذها بعون الله بدعم العائلة الكريمة التي لم تتوقف عن اسهاماتها التنموية في المجتمع البحريني.

سيرة وعطاء

وترك الفقيد سجلا حافلا بالإسهامات على شتى الأصعدة تم توثيقها في كتاب :»عبدالرحمن كانو...سيرة وعطاء»، سجلت صفحات البالغ عددها 125 صفحة مشوار عطاء الفقيد.

وكان من آخر أعماله إنشاء مركز عبدالرحمن كانو لمرضى الكلى« في محافظة المحرق. الذي كان له عظيم الأثر في خدمة أبناء البحرين. كما ساهم في تشييد 10 مساجد و3 جوامع بمختلف مناطق البحرين، الذي يشد الانتباه في شخصية هذا الرجل إصراره الشديد على العطاء ومقابلة العطاء بالعطاء من دون انتظار كلمة شكر أو ثناء، ولقد أثبت أنه حاضر في عقول الناس وقلوبهم من خلال تضحياته وعطاءاته التي لا تنقطع... فما قدمه الفقيد الوجيه عبدالرحمن كانو يجعل المرء يقف باحترام وإجلال أمام عطائه السخي المتواصل الذي يجسد أصالته وعمق انتمائه إلى هذه الأرض الطيبة.

المولد والنشأة

ولد الفقيد في مدينة المنامة العام 1932. والتحق بالمدرسة الغربية الابتدائية بالمنامة، ثم المدرسة الثانوية للبنين بشارع الشيخ عبدالله بالمنامة. وسافر بعدها إلى القاهرة والتحق بمدرسة محمد علي بالسيدة زينب، ثم المدرسة الخديوية الثانوية. بعدها التحق بالجامعة الأميركية في بيروت. وحضر الكثير من الدورات المتخصصة في إدارة الأعمال ببريطانيا.

بدأ الوجيه عبدالرحمن كانو حياته العملية بقسم الهندسة والأملاك في شركة كانو، ثم إدارة شئون الأفراد، حتى تدرج إلى منصب المدير التنفيذي بالشركة. وشغل الفقيد مناصب عدة، منها: عضو مجلس إدارة شركة يوسف بن أحمد كانو في البحرين، نائب رئيس مجلس إدارة شركة البحرين لإصلاح السفن والهندسة، رئيس مجلس إدارة مقاولات كانو بالبحرين، عضو مجلس إدارة شركة نورويج يونيون الخليج، مؤسس ورئيس مجلس إدارة مدرسة عبدالرحمن كانو الدولية.

أثر الفقيد في الثقافة البحرينية

وكان للفقيد أثر كبير على الحياة الثقافية في البحرين، فقد أنشأ صرحا من أبرز الصروح الثقافية في البحرين وهو مركز عبدالرحمن كانو الثقافي وتبنى شخصيا واحدة من أكثر الفعاليات الثقافية حضورا ووجودا على الساحة الثقافية البحرينية وهو الملتقى الثقافي الأهلي الذي يؤكد من جديد أنه كان أحد الرجالات الوطنية البارزة في مجتمعنا البحريني. وشغل الفقيد مناصب ثقافية عديدة، مثل: الرئيس الفخري للملتقى الثقافي الأهلي، الرئيس الفخري لمسرح الجزيرة. حياته الرياضية احتل الوجيه عبدالرحمن كانو مكانة كبيرة في قلوب الرياضيين، وصار أسطورة رياضية بارزة.. وترأس مجلس إدارة النادي الأهلي فترة تزيد على عشرين سنة ابتداء من يونيو/ حزيران 1979، وكان الرئيس الحادي عشر للنادي، واستمر في رئاسة النادي الأهلي بثقة كبيرة من الجمعية العمومية للنادي حتى يونيو 2000. ونجح في إحداث نقلة نوعية في مسيرة وعطاء وإنجازات النادي الأهلي بفضل عقليته المتفتحة التي امتزج فيها الفكر التجاري مع القدرة الإدارية وحب الثقافة والحكمة والعطاء. واختمرت في ذهن ومخيلة عبدالرحمن كانو عدة أفكار ومشروعات كبيرة أراد منها أن يجعل من النادي الأهلي مؤسسة اجتماعية رياضية ثقافية متميزة. ونجح في بلورة الكثير من أفكاره وحوّل أكثر من حلم إلى حقيقة وواقع ملموس، وأصبح النادي الأهلي في ظل رئاسة رجل العطاء عبدالرحمن كانو متميزا ومحافظا على شموخه ومكانته كأحد أبرز الأندية الوطنية في مملكة البحرين، وتجاوز في انجازاته حدود المملكة وذاع صيته خليجيا وعربيا. ومنحت وخصصت للنادي الأهلي في عهد رئاسة عبدالرحمن كانو مساحة من كبيرة من الاهتمام والرعاية والممارسة للعنصر النسائي عندما شكل النادي فرقا نسائية في ألعاب كرة السلة والطائرة. وبعقلية تجارية ناجحة ونظرة بعيدة ثاقبة حرص مجلس إدارة النادي الأهلي برئاسة الوجيه عبدالرحمن كانو على إنشاء مشروع استثماري تجاري على أرض النادي بمقره الجديد في منطقة الماحوز بالمنامة. وشغل الوجيه عبدالرحمن كانو مناصب رياضية أخرى، مثل: عضو بالمجلس الأعلى للشباب والرياضة في البحرين، الرئيس الفخري لنادي سار الرياضي، عضو شرفي في نادي البحرين الرياضي، عضو شرفي في اتحاد اليد، العضوية الشرفية للنادي العربي القطري، العضوية الشرفية للنادي الأهلي المصري، الرئاسة الفخرية للنادي الإسماعيلي المصري.

أوسمة التكريم والعرفان

حظي الفقيد بتكريم من عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بمنحه وسام المملكة في شهر أكتوبر/ تشرين الاول من العام 2002 في مهرجان يوم الوفاء للملك. كما منحه رئيس الوزراء سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة جائزة الدولة للعمل الوطني في شهر مارس/ آذار 1992. كذلك كرمه ولي العهد سمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة بتسليمه وسام الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة نظير ما قدمه من خدمات جليلة لوطنه. وحظي الفقيد بتكريم خاص من أنجال صاحب الجلالة الملك تقديرا لدوره وعطائه السخي المتواصل للشباب والرياضة في مملكة البحرين في شهر أكتوبر من عام 2001. كذلك تم تكريمه كأحد الرواد في العمل التطوعي الاجتماعي بمملكة البحرين على مستوى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي في حفل الأسبوع العربي الثالث الاجتماعي بمدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 1989.

العدد 1821 - الجمعة 31 أغسطس 2007م الموافق 17 شعبان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً