الصداقة علاقة ورابطة إنسانية مقدسة، وكلما نأت هذه العلاقة، أو نأى بها صاحبها عن المنافع الذاتية والآنية والمصالح الشخصية المؤقتة، كلما توطدت أركانها واتسعت آفاقها ومساحتها، وآتت أكلها كل حين بإذن ربها.
الصداقة ركن أساسي في حياة الفرد والمجتمع، بها تبنى الأوطان، وبتحققها يسعد الإنسان، ويستعان بها على نكبات الزمان.
الصداقة عنصر مهم لا يستغنى عنه في كل وقت وآن، شهدت بذلك الأحاديث النبوية والقرآن.
بين حين وآخر ألجأ إلى «دفاتري العتيقة» جدا (ذاكرتي)، أنقب فيها لعلي أعثر على «صديق عتيق» زاملته طالبا في مدرسة ابتدائية أو ثانوية، أو مدرسا في هذه المدرسة أو تلك، أو خارج هذه المحطات.
وكم أكون سعيدا حين أعثر على «صديق عتيق» أبادله التحية والتهنئة بمناسبة عيد من الأعياد، أو التعزية - لاقدر الله- بهذه المناسبة أو تلك.
وكنت ألمس من هذا الصديق أو ذاك إحساسه بالارتياح بهذا الاتصال. وهذه أمثلة من هؤلاء الأصدقاء الأعزاء الذين مضى على علاقتي الأخوية بهم عشرات السنين... ولم تنقطع ولله الحمد.
@ صديق من البديع اسمه (علي) جمعتني وإياه مقاعد الدراسة في مدرسة الصناعة في الخمسينات، هاتفته أكثر من مرة وزرته في بيته، إذ أحسست من خلال كلماته السعادة والسرور لهذه المهاتفة وتلك الزيارة. علما بأن آخر مهاتفة بيننا جرت قبل عشرة أيام تقريبا.
@ صديق آخر من الرفاع اسمه (مطر) زاملته طالبا أثناء الدراسة الثانوية في الستينات، وبقيت علاقتي به حتى هذه الساعة، إذ اتصل به بين وقت وآخر مسلما أو مهنئا في مناسبات الأعياد وغيرها.
@ صديق ثالث، رجل أعمال من المحرق اسمه (علي) تعرفت عليه في القاهرة في السبعينات ضمن وفد إعلامي تجاري ثقافي مشترك، وبقيت علاقتي به حتى الآن إذ أتصل به بين حين وآخر، كما أزوره في مجلسه مهنئا بشهر رمضان المبارك.
@ صديق رابع من المحرق اسمه (عبدالرحمن) وهو كاتب إسلامي، حرصت كل الحرص على أن تبقى صداقتنا قوية متجددة، وذلك عن طريق الاتصال المتبادل بمناسبة وبغير مناسبة.
وغير هؤلاء الكثير من الذين أعتز بصداقتهم الخالصة لله تعالى، البعيدة عن المصالح الشخصية.
هذه - يا اخوتي - هي الصداقة التي من دونها تكون الحياة صحراء قاحلة، وهؤلاء - وغيرهم - هم الأصدقاء الذين من دونهم لا يكون للحياة طعم حقيقي.
إقرأ أيضا لـ "علي الشرقي"العدد 1820 - الخميس 30 أغسطس 2007م الموافق 16 شعبان 1428هـ