أتابع اليوم عن الإهمال الطبي. وأواصل في تحليل المسئولية الطبية وهمومها فأجدني أمام شبكة عنقودية متفرعة ولكنها مرتبطة مع بعضها بعضا إلى درجة لا يمكن تصورها! فإذا أحضرنا طبيبا عبقريا في أدائه ومعلوماته ووضعناه في محيط سيئ الإدارة ومساعدين غير أكفاء وإهمال فقد يصبح ذلك الطبيب ضحية لمثل ذلك المحيط المُحْبِط ولن يؤدي دوره وقد يفشل علاجه في معظم الأحيان!
إذا فلوم الطبيب منفردا لا يكفي في تحميله المسئولية، فهو جزء لا يتجزأ من منظومة متكاملة! وهي حقيقة وواقع قد تكون من الأسباب الأساسية التي يتهرب فيها الكثير من الأطباء من مستشفى الحكومة لممارسة المهنة في مواقعَ أخرى خاصة! قد يكون أكثر جدارة ومنفعة له ولمرضاه وحرصه عليهم! إني أود إعطاء نبذة عن كيفية ترابط كل الأجزاء الطبية مع بعضها بعضا وتداخلها... وهي من البدهيات ولا بأس من عرضها وشرحها.
1. الطبيب/ الطيبة هما على رأس الهرم، ويعتمد ذلك على نوعية الدرجة العملية ومدى كفاءتهما ومتابعتهما آخر التطورات في مجاليهما، كحضورهما المؤتمرات، والقراءة المستمرة وإخلاصهما في متابعة مرضاهما والرفع من كفاءتهما العلاجية بالتعاون في توصيل المعلومات العلمية فيما يخص حالاتهما في الإرشادات والنصائح وهي المفتاح الأول لوجود علاج وشفاء للمريض.
2. الطاقم الطبي المساعد من ممرضين ومؤهلي المختبرات والأشعة... إلخ ومدى كفاءتهم وإخلاصهم في الحصول على دقة النتائج التحليلة، والحركة السريعة في الأداء هي المفتاح الثاني لإنجاح العلاجات، والتي من دونها يستحيل التشخيص الدقيق (الإدارة - وتداصلها) الذي يتوجب أن يكون يوميا لمراقبة سير العمليات العلاجية في كل أقسام المستشفى سواء العيادات الخارجية أو الطوارئ والمختبرات وأجنحة إقامة المرضى ووجوب عمل تطوير مستمر لكل هذه الأقسام ومراقبة حسن الإدارة في الإشراف على سير العلاجات ومراقبة النظافة وتطوير الأجهزة الطبية بصفة دورية ومنتظمة وحث العاملين في المستشفى ومكافأة المجتهدين ومراقبة المهملين والتخلص منهم أو بإعطائهم الإنذارات أو التدريبات لتحسين ورفع الكفاءة الطبية.
حتى مواقف السيارات يجب التأكد من وجود الأماكن اللازمة لعدم تأخير المرضى! وتزاحم الناس وقت الذروة! والإدارة هنا معناها الوزارة فيجب أن تكون العين الساهرة أبدا في التواصل اليومي مع شكاوى المرضى وأن تكون عينها مفتوحة ومتجاوبة في هذه الشأن لأنه هو بحد ذاته المؤشر المباشر على حسن أو سوء الأداء، وتكوِّن لجنة مختصة تتجاوب مع ما ينشر في الصحافة، من هموم المرضى ومعاناتهم أثناء مراحل العلاج وسيرها!
في الكويت، طالب مجلس الأمة بالتحقيق مع وزير الصحة بسبب حريق تسبب بموت مريضين، فقدمت الوزيرة استقالتها خوفا أو أقالوها فالوزارة يجب أن تكون في قلب المستشفى ليلا نهارا ودورها وحضورها يجب أن يكونا جبارين فاعلين وأن نظام العمل 7 ساعات للإدارة غير كافٍ وفي اعتقادي أنه يجب وجود جهاز لمدة 24 ساعة يتابع كل صغيرة وكبيرة في المستشفى وألا يترك هذا المكان الحيوي على مسئولية رؤساء الأقسام المهنيين وأن يطبق نظام النوبات على الإداريين في الوزارة كما يطبق على الأطباء المناوبين، من الأطباء في كل التخصصات، فيكون على الإداريين في كل درجاتهم بين مديرين ووكلاء حتى الوزيرة الحضور في نوبات للإشراف عصرا وليلا على ما يحدث في أروقة المستشفى! والمراكز الصحية، وبذلك يشعر المرضى بحضورههم واهتمامهم، فالمستشفى إذا من هم مسئوليات الوزارة في تنظيمها... وللحديث بقية وتكملة.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 1819 - الأربعاء 29 أغسطس 2007م الموافق 15 شعبان 1428هـ