ربما كغيري من عامة الناس نحمد الله كثيرا أنه على رغم صعوبة الظروف المعيشية التي يعاني منها المواطن جراء ارتفاع السلع الاستهلاكية والغلاء المعيشي وخصوصا خلال الشهور الحالية لكون الإجازات الصيفية وما يترتب عليها من برامج ونشاطات بغرض توفير الرفاهية وإدخال البهجة على نفوس الأولاد وخصوصا الأسر التي لم تتوافر لها الأسباب للسفر، وربما تحمل الشهور المقبلة ظروفا أسوأ لتزاحم المناسبات وبالتالي زيادة الطلبات والمشتريات التي ترهق كاهل رب الأسرة.
فبعد أيام قليلة مقبلة بانتظار المواطن البحريني باقة منوعة من المناسبات التي تستدعي الصرف فهناك افتتاح المدارس وشهر رمضان المبارك وليلة النصف من رمضان وبعدها عيد الفطر المبارك مباشرة، وما يرافق تلك المناسبات عادة من مصروفات وطلبات غير عادية من شأنها أن تساهم في خلخلة الموازنات فلا الأطفال يكفون عن الطلبات ولا أسعار البضائع والسلع ترحمهم ولا الوالدان لديهما القدرة على التقصير عن أولادهم.
كل تلك الظروف طبيعية وتمر على رب الأسرة بشكل سنوي ولم نجد أي تحرك جدي من الحكومة يسعى إلى التخفيف عن كاهل المواطن، والذي زاد الطين بلة هذه المرة تلاحق المناسبات بحيث لا يمكن لرب الأسرة أن يتنفس الصعداء وخصوصا إذا ما علمنا أن الرواتب الضعيفة المهلهلة أكثر من نصفها تذهب إلى القروض والالتزامات المالية والبقية الباقية تكون مصروفات ثابتة لا غنى عنها للأسرة.
مع تلك الظروف الصعبة التي تحتاج واقعا إلى معجزة إلهية لحلها لا لظواهرَ صوتية وأخبار صحافية لتهوين الأمر، ونحمد الله كثيرا أن تلك الظروف والأحوال والأيام الصعبة التي تمر على كل بيت وأسرة واقعا في الوقت الحالي، جاءت في فترة السبات الصيفي العميق لنوابنا الكرام وإلا لكانوا استفادوا منها كثيرا ولقرروا حينها بدء حملاتهم الانتخابية للعام 2010 من الآن ولحصدوا أصوات الناخبين الفقراء، من خلال التصريحات والمزايدات التي تدغدغ مشاعر الناخبين من عيديات وبونسات مل الناس من ترديد أخبارها، وهذا العام ربما فرصة كبيرة تضاف إلى قصص النواب البطولية، ولعلها قصة الزيادات السنوية التي وعدوا ناخبيهم بها بهدف تحسين أوضاعهم المعيشية.
وأظن أن الظروف الحالية تعد أنسب موسم لصالح النواب لبث التطمينات من جديد إلى الناس وخصوصا بعد انتهاء دور الانعقاد الأول من دون أية نتيجة تحسب لهم لصالح الملف الاقتصادي ولا لأي ملف آخر، وبالتالي مزيدا من الدعايات الانتخابية لتحسين صورتهم على الأقل أمام العالم.
الله ستر ولطف أن هناك تسريبات بدأت تتسرب إلى الصحافة عن أن الزيادة السنوية التي بح صوت الموظفين وأصحاب الدرجات الاعتيادية في المطالبة بها ووعدوا خيرا بأنهم سيحصلون عليها خلال شهر يوليو/ تموز الماضي من خلال جهود بعض الكتل والنواب، بدأنا نسمع أنها ربما تؤجل إلى 2009 أو ربما هي الأخرى علينا أن ننساها كما نسينا البونس والعيدية قبلها.
فعندما تسلل ذلك إلى الصحافة بدأ حينها النواب الأفاضل من جديد الخروج من جحورهم الصيفية لموسم الفزعات الإعلامية، وأعتقد أن وزارة التنمية خلال الأشهر الثلاثة المقبلة أو الأشهر الستة المقبلة ستحتاج إلى جهود أكبر في محاولات التصدي لظاهرة التسول، فأعداد المتسولين حتما ستتضاعف من خلال قراءة الواقع، وأظن أن الدار التي تعدها حاليا المكونة من ثلاثة أدوار في الرفاع عليها أن تبحث عن مبانٍ أخرى في كل المحافظات كما على وزارة العدل والشئون الإسلامية أن تعد عدتها من الآن للبحث عنهم والتقاطهم فلا أحد يرحمهم مع الغلاء المعيشي الحاصل، ولم يبقَ أمامهم سوى اللجوء إلى الشارع والتسول.
على الضفة الأخرى الرئيس اليمني علي عبدالله صالح يأمر الحكومة بصرف مرتب شهر لجميع موظفي الجهاز الإداري للدولة مدنيين وعسكريين وأمنيين بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك لما فيه من تخفيف العبء عن المواطنين بسبب موجة ارتفاع الأسعار التي شهدتها السوق المحلية جراء الزيادات في الأسعار غير المسبوقة للمواد الأساسية في الأسواق العالمية. لم يكن ذلك الخبر وحده كفيلا أن يثلج صدور شعبه ولكنه أمر أيضا الحكومة بإطلاق المرحلة الثانية من الاستراتجية الوطنية للأجور والمرتبات بحيث يبدأ تنفيذها اعتبارا من شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل أي بعد شهر رمضان المبارك وقبل عيد الفطر المبارك.
ألم نقل سابقا ونكررها مجددا: نحن في بلدنا الغني بالنفط والخيرات البحريني يعيش فقيرا ويموت فقيرا، وحياته يقضيها في الغالب في الحسرة والحرمان، ولكنه يسمع الجعجعة في كل مكان في الصحافة وأروقة الحكومة ومجالس النواب ومجالس الوجهاء وربما الشارع والمنتديات ولكنه ولا يرى طحينا فالمواطن لا يحتاج واقعا إلى الجعجعة التي توجع الرأس وتهيج الأعصاب، ولكنه يحتاج واقعا إلى الطحين وعينه على الطحين لإدارة شئون حياته، ولا نحتاج إلى الظواهر الصوتية والأخبار الصحافية والإعلامية التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"العدد 1819 - الأربعاء 29 أغسطس 2007م الموافق 15 شعبان 1428هـ