كانت متوقعة ردود الفعل المعقبة لتصريح وزير التربية والتعليم ماجد النعيمي عن نية الوزارة تطبيق تعديل مواعيد الدوام المدرسي ليكون من 8 أو 8.30 إلى 3 أو 3.30 في الفصل الدراسي الثاني من هذا العام أو مطلع العام المقبل؛ ذلك ان التعديل هنا مرتبط بإطالة اليوم الدراسي وهذا يعني زيادة في الأعباء والمسئولية، يتحملها الطالب والمعلم وولي الأمر، مقابل ضعف المردود وقلة الحافز.
فإذا لا نلومهم إذ أصروا على الرفض في ضوء ضبابية المشروع وتجاهل لأصحاب الشأن، وخصوصا أن تصريح الوزير مبني على أن الوزارة ستبدأ تطبيقه فعلا وليس الأمر مرهونا بجس نبض الشارع البحريني أو كما يحسبه البعض بأنه لا يعدو كونه فقاعات صابون أو زوبعة في فنجان، إذ كلفت لجنة مشتركة بين الوزارة وديوان الخدمة المدنية لبحث هذا المشروع، أي أن اللجنة ستبت في آلية التطبيق وليس لتدارسه، على حين سيتم تطبيقه على مدرستين في كل محافظة من المحافظات الخمس لاكتشاف الأخطاء وتلافيها في حال تطبيقه على مستوى مدارس المملكة؛ ما يعني ان الوزارة قادمة في تطبيقه في السنوات المقبلة، والأمر لا يعدو سوى إعلامٍ من لا يعلم.
أصبح من الصعوبة الآن، ألا ينظر إلى اليوم المدرسي وما تعتريه من صعوبات ليس لحل الإشكال المروري والاختناقات المستمرة على الطرق العامة فحسب، إنما لأجل بيئة مدرسية سليمة مرتبطة بما نريد تحقيقيه من مخرجات تعليمية لمستقبل منظور واعد، وهذا يعني أن الأمر ليس مربوطا بإطالة الدوام المدرسي فقط.
يحسب للوزير طرحه الموضوع لأول مرة، ولكن ذلك لا يأتي بفرض الأمر الواقع بالصورة التي تم اقتراحها، فنخشى ان يصاحب فرض الأمر الواقع أداء منخفض للطلاب، فبناء الثقة بين وزارة التربية والتعليم والمعلم وولي الأمر ومؤسسات المجتمع المدني أمر مطلوب، إذ لم يكن موضوع إطالة اليوم المدرسي موقوفا على مملكة البحرين فقط، فقد شاب جدال واسع ومماثل له في دولة الكويت ولكن الوضع مختلف لديهم، فوزيرة التربية والتعليم الكويتية نورية الصبيح - على رغم موقفها السابق والمؤيد لإطالة اليوم المدرسي للطلبة - تحفظت عن التطبيق فحين اعتلت منصة الوزارة أكدت أنها تؤيد ذلك ولكن على حد قولها: «وفق شروط وضوابطَ تتعلق بتطوير وتهيئة المبنى المدرسي وخدماته، إن الوزارة لن تقر موضوع إطالة اليوم المدرسي إلا بعد دراسة مستفيضة تأخذ في الاعتبار مدى تقبل أو رفض المجتمع الكويتي لذلك».
أولياء أمور طلابنا متخوفون من الوقت الطويل الذي سيقضي فيه أبناؤهم تحت أسوار مدارس غير مهيأة لهذه المدة الطويلة فهي بالكاد تسعهم للتعليم، أما ممارسة الأنشطة إن استمرت بهذه الوضعية فهي ضرب من الخيال.
مدرسة كوين إيثيلبيرجا - مدرسة داخلية بريطانية رؤيتها التعليمية تتلخص في «تعليم مفيد مدى الحياة» - يطول اليوم المدرسي فيها نظرا إلى ما تحويه هذه المدرسة من مرافقَ وأنشطة منها: ملعب كرة قدم بالمقاييس العالمية، و20 ساحة تدريب على كرة السلة، و 20 شبكة تدريب على لعبة الكريكيت، وملعبان للكرة الطائرة مزودان بأضواء كاشفة، و5 ملاعب تنس، ومضمار ركض صالح لجميع الأجواء، و4 صالات منفصلة لألعاب اللياقة البدنية، وساحتان رمليتان للقفز الطويل مزودتان بأضواء كاشفة، وحمام سباحة داخلي مزود بالمياه الدافئة، وآخران لعلاج بالساونا مع 6 أجهزة جري كهربائية، إضافة إلى أن هناك نواديَ وجمعيات بالمدرسة لها مقرات خاصة تمارس فيها أنشطة واسعة المجال فلديها نوادي الفنون والشطرنج والتراتيل والحاسوب واللغات والطهي والمناظرات والدراما ودروس الإنقاذ والحرف اليدوية. نتساءل هنا: أي أب يرفض أن يكون ابنه حتى المساء في هذه المدرسة؟
لسنا ضد تعديل اليوم الدراسي أو معه، ولكنه بحاجة إلى إعادة صوغ.
النظام التعليمي في اليابان له خصوصيته بما يتناسب مع الروح اليابانية وطقوس المجتمع، إذ يبدأ الدوام الرسمي الساعة 8.30 صباحا وينتهي 3.00 مساء. اليوم الدراسي لديهم مقسم إلى ست حصص فقط بما فيها حصص الأنشطة والإثراء، أي أن الطالب لا يأخذ أكثر من أربع مقررات في اليوم، ويقسم العام الدراسي الياباني إلى ثلاثة مواسم، تبدأ الدراسة في شهر أبريل/ نيسان وتنتهي في مارس/ آذار للسنة المقبلة، فالموسم الأول من أبريل إلى أغسطس/ آب، أما الموسم الثاني فهو من سبتمبر/ أيلول إلى ديسمبر/ كانون الأول، والموسم الثالث من يناير/ كانون الثاني إلى مارس، ويتخلل العام الإجازات والعطل الرسمية، فهناك ثلاث إجازات للطالب الياباني هي: إجازة الصيف ومقدارها 6 أسابيع، وإجازة الشتاء وتكون عادة عند حلول ليلة رأس السنة، وإجازة الربيع.
فكلٌّ له نظامه، ومن المعروف أن تبني أي برنامج يكون قائما على منظومة تحليل المعلومات، والبرامج الخاصة بالتعليم لا يخرج عن هذا السياق، إذ ينبغي إجراء بحوث ميدانية، ترصد فيها الاتجاهات الحالية، ومن ثم توضع برامج التدخل القائمة على أساس تحديد الاحتياجات، وليس استنساخ وإسقاط برامج الآخرين علينا، مع احترامنا لتجاربهم إلا أنه كما يقولون: إن نصف الحل هو معرفة المشكلة. ولا يتسنى لنا ذلك إلا بالنزول إلى القاعدة الجماهيرية، فالوطن شراكة، وعلى الجميع مد يد العون لإحداث التغيير نحو الأفضل، وهذا يجعل من تغيير النظام التعليمي على مستوى الدراسات، وأنشطة الدعوة، والتشريعات، والتخطيط، وتنفيذ البرامج والمشروعات ومتابعتها وتقويمها على نحو تساهم فيه جميع الجهود الحكومية والأهلية على نطاق واسع، إذ حان الوقت للبدء في تشكيل لجنة وطنية تتصدى لمهمات التخطيط ومتابعة التنفيذ تساندها فرق عمل في وزارة التربية والتعليم لتحديد الأولويات، وتحديد مؤشرات المتابعة والاستثمارات اللازمة لتنفيذها على كل مستويات قطاع التعليم والتدريب.
إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"العدد 1819 - الأربعاء 29 أغسطس 2007م الموافق 15 شعبان 1428هـ