العدد 1819 - الأربعاء 29 أغسطس 2007م الموافق 15 شعبان 1428هـ

سلام إقليمي... جوهره فلسطين

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

نحن على تقاطع طرق حاسم في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. هذا هو الصراع الذي يأخذ أولوية على النزاع الإقليمي العربي الفلسطيني؛ لأن شدته وخطورته وإفساده المتواصل منذ العام 1948 تبرز صعوبة ومشاكسة جميع النزاعات الأخرى.

لذلك يصبح من الأساسي أن تكون الانفتاحات الجديدة بين سورية و «إسرائيل» - على سبيل المثال - دفعة لسلام شامل مع الفلسطينيين كذلك وليس معوقا له. نتج من عملي في سورية من أجل السلام خلال السنوات الثلاث الماضية الأفكار المعمقة التالية عما يمكن أن ينجح:

- يريد معظم السوريين المتنفّذين، بمن فيهم مسئولون ذوو مراتب عالية، تطبيع العلاقات مع «إسرائيل» بناء على إعادة مرتفعات الجولان. هناك معوقات تفرضها مصالح المتمرسين من الرعيل القديم في الوضع الراهن، إلا أن مؤشرات إيجابية باتجاه السلام من قبل «إسرائيل» والولايات المتحدة ستقوّي سلطة القوى المعتدلة في القيادة السورية، بل تحوّلها إلى درجة كبيرة.

- إلا أن الجمهور السوري طالما أثاره الظلم الواقع على الفلسطينيين، إخوتهم في العروبة والإسلام، ولن يدعموا الرئيس الأسد في محادثات سلام، وهو دعم يحتاج إليه فعليا، ما لم يروا بعض المؤشرات الصادقة من الإسرائيليين تشير إلى جدّيتهم فيما يتعلق بالعدالة تجاه اللاجئين الفلسطينيين، واحترام متجدد وتسوية مع المسلمين.

- معظم السوريين المتنفّذين على استعداد لقبول علاقة أقل تملكيّة مع لبنان على رغم أنهم مستاءون من «جحود الجميل» الذي يبديه اللبنانيون.

ما يعنيه هذا كله هو أنه توجد مساحة للرئيس السوري بشار الأسد الذي مد يد المصالحة مدة ثلاث سنوات إلى «إسرائيل» بهدوء وصمت، لأن يمد يده الآن علنا إلى شعب «إسرائيل» والجالية اليهودية كمزيد من الضغط. ولكن يجب أن يتسلم شيئا ملموسا في المقابل حتى لا يخسر الدعم المحلي الذي يتركز بقوة وراء القضية الفلسطينية. كما أن ذلك يعني أنه إذا سادت الدبلوماسية القوية فهناك مساحة لتحول غير عسكري للعلاقة السورية - اللبنانية.

تريد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية برمّتها حوارا مع سوريا، وخصوصا إذا أخذنا بالاعتبار الزيادة الإقليمية في الاستثمار بالصواريخ، والضربة التي تلقتها الدفاعات الإسرائيلية السنة الماضية. معظم المحللين الأمنيين الإسرائيليين مقتنعون أن الأسد جاد فيما يتعلق بالمفاوضات. إلا أن البيت الأبيض - نظرا إلى سياسته المعارضة للدبلوماسية والمركزة على التهديدات فقط - يمنع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت من القيام بعمل ما. فأولمرت - وأي زعيم طموح في «إسرائيل» - يخاف من قدرة البيت الأبيض السياسية على تحويل الدعم باتجاه نتنياهو وإفشال الحكومة الإسرائيلية الحالية.

حتى يتسنى بدء سلسلة من ردود الفعل لتحركات السلام، نحن بحاجة إلى إدارة أميركية جادة بشأن السلام الشامل في الشرق الأوسط، ولن يأتي ذلك إلا بعد الانتخابات الأميركية القادمة. ولكن من المحتمل كذلك أن الرئيس الحالي قد يعطي أولمرت ببساطة الضوء الأخضر ليتكلم مع سورية من دون أي اعتراف بأنه فعل ذلك.

ما تحتاج إليه المنطقة هو ذوبان في المواجهات السورية - الإسرائيلية، وبعض الإجراءات المهمة المصممة لتغيير أحوال الفلسطينيين المعيشية، ومحادثات جادة عن الوضع النهائي مع «فتح» بشأن القضايا الرئيسية المعلقة: لاجئو 1948 والقدس. وهناك جميع الأسباب للاعتقاد أن التحرك في هذه المجالات سيضع ضغطا رئيسيا على الجناح العسكري لـ «حماس» للتوقف عن المقاومة؛ لأن الشعب - حتى داخل «حماس» - سيطالب بذلك عندما يرى الفوائد تتراكم.

مازالت إيران وقطر وأموال جهات خليجية خاصة تدعم مقاومة «حماس» بشكل هائل، وهذا يؤدي إلى الحد من التقدم نحو السلام. وهنا يتوجب على الدبلوماسية الجادة والمصرّة في المنطقة أن تواكب المفاوضات الثنائية. ليس هذا أمرا قد تكون الإدارة الأميركية الحالية قادرة عليه، ولكن يتوجب على اللاعبين الأساسيين في المنطقة أن يخططوا لموقف أميركي مختلف قبل مرور فترة طويلة. التوجه الحالي في الشرق الأوسط يشكل هزيمة مزرية لأميركا، وهذا التقويم يَلقى إجماعا من كلا الحزبين. عندما يوجد البيت الأبيض على يمين المؤسسة الأمنية الإسرائيلية فإن هناك أمرا غير متوازن في السياسة الأميركية.

إلا أن تحولا أميركيا نحو البراغماتية لن يقنع هؤلاء الذين ينشدون توجها أميركيا متوازنا نحو الفلسطينيين. ولكننا نستطيع توقع المزيد من البراغماتية وتفهما أكثر عمقا لنتائج السلبية الوحشية لسنوات الرئيس بوش أمام الوضع في غزة والضفة الغربية. في هذه الأثناء قد تكون النجوم مصطفّة لصالح سورية لتكون الدولة العربية الرافضة التالية التي تتحول في علاقتها مع «إسرائيل». ولن يشكل ذلك خبرا جيدا إلا إذا لم يكن على حساب الفلسطينيين وحقوقهم في المساواة والعدالة النهائية.

*أستاذ بمركز جيمس لاو بمعهد تحليل النزاعات وحلها بجامعة جورج ميسون،

والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1819 - الأربعاء 29 أغسطس 2007م الموافق 15 شعبان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً