مازال القطاع الإعلامي، وعلى رغم مرور أكثر من ست سنوات من الانفتاح السياسي خاضعا لإطار غير ملائم من الناحية التنموية. فقانون الصحافة المعدل لم يصدر على رغم اقتراحه في نهاية العام 2002، ومجلس النواب السابق لم يكن متحمسا لإصدار القانون، ولا يبدو أن مجلس النواب الحالي يهتم كثيرا بالموضوع بحسب ما رأينا بعد مرور عام واحد على نشاطه. ربما يتغير الوضع فيما لو رتبت الكتل أولوياتها ولم تخيب ظن من انتخبها، ولكن حتى ذلك الحين فإن الإطار القانوني القديم هو المعمول به... والحق يقال إن عددا من مسئولي وزارة الإعلام يبدون استعدادا لمواءمة ما يقومون به مع تصريحات القيادة السياسية على مدى السنوات الماضية. ولكن الإعلام ليس الصحافة فقط، فهناك الإذاعة والتلفزيون وهما مسيطر عليهما بالكامل، اللهم إلا إذا كانت اللغة والجمهور من غير البحرينيين، إذ إن اللغتين الهندية والانجليزية لهما حرية أكبر من اللغة العربية، ومجال العمل الإعلامي باللغات غير العربية أرحب وأوسع... الإعلام المرئي والمسموع باللغة العربية يخضع لاحتكار صارم يمنع انطلاق البحرين كمركز إعلامي إقليمي، وهذا هو السبب في أن المشروعات الإعلامية الإقليمية الكبرى التي انطلقت خلال السنوات الماضية ذهبت إلى بلدان أخرى. ولو استطعنا استقطاب مشروع أو مشروعين كبيرين لكنا حصلنا على قطاع ينافس مستوى النمو في القطاع المالي نظرا إلى توافر الموارد البشرية البحرينية المستعدة للدخول في مجال الإعلام.
ثم إن الإنتاج السينمائي والتلفزيوني وقطاع الترجمة لم يتحرك لدينا، ونرى مغادرة الكفاءات البحرينية إلى الخارج بحثا عن الرزق، هذا في الوقت الذي لا نحتاج فيه إلا إلى رؤية ثاقبة لفتح هذه السوق في البحرين. كما أن هناك قطاع المطابع والنشر، إذ مازالت حركة التأليف من أضعف المستويات بسبب القانون الذي يفرض الرقابة المسبقة قبل البدء بطباعة ونشر أي كتاب، وهذه الرقابة المسبقة إذا وجدت في أي بلد فإنها تقتل فيه سوق الكتب والنشر مباشرة، وهو ما نعايشه في البحرين حاليا.
وهناك الإعلام الإلكتروني الذي انزلق في البحرين إلى مستويات لا تخدم التنمية وذلك بسبب إجراءات الحكومة المتسمة بالخوف الشديد من هذه التكنولوجيا الجديدة التي تعم العالم... فبدلا من احتضان وتطوير هذا القطاع تقوم جهات رسمية بمحاولات لقمع الفضاء الإلكتروني، بل إن هناك جهات تضخ أمولا وتنزل إلى مستويات غير لائقة وتدعم مشروعات مريبة لمواجهة النشاطات الإلكترونية للشباب البحريني الذي ربما لجأ إلى هذه الوسيلة بسبب شعوره بالإحباط في قضايا عدة. ولو أن الجهات الرسمية وجهت الأموال التي تصرفها في المشروعات غير المفيدة إلى تنمية القطاع بصورة صحيحة فربما فازت برضا شباب وطنها بدلا من الدخول في جولات «توم وجيري». إننا بحاجة إلى قطاع إعلام ونشر منفتح على العصر ومؤهل لخدمة البحرين، حاضرها ومستقبلها، وما نراه إلى الآن لا يعدو كونه تضييعا للوقت وتبديدا للجهود.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1818 - الثلثاء 28 أغسطس 2007م الموافق 14 شعبان 1428هـ