تمر اليوم على ذكرى «يوم الإثنين الأسود»، ثلاثة أعوام وثلاثة أيام بالضبط. وهو اليوم الذي انقطعت فيه الكهرباء عن جميع أنحاء البحرين.
الوزارة التي تعاني كابلاتها ومحطاتها ومنشآتها الشيخوخة، تعاني أيضا الشيخوخة في تعاملاتها مع الصحافة، وتتصرّف كأنها تعيش في العام 1977!
ولأن الوزارة تعاني الإصابة بفقر دم كهربائي، تراها تلجأ إلى طريقة «التوصيلات» المؤقتة، ليس لتصحيح الأوضاع وتقديم خدمة أفضل إلى المستهلكين، وإنما لمجرد الرد على ما يكتب عنها من انتقادات. فالوزارة ليست بحاجة إلى مستشارين إعلاميين متقاعدين يجمعون لها قصاصات الصحف لتكوين أرشيف، أو كتابة تقارير «تحريضية» كالجواسيس، عن الصحافيين المشاغبين الذين يتجرأون على انتقاد ذاتها الكهربائية، وإنما بحاجة إلى وضع خطة لاستبدال الكابلات القديمة وتطوير المحطات، وإنشاء محطات فرعية، وخصوصا مع بدء دفع استحقاقات خطة التجنيس العشوائي وزيادة السكان بالقوة!
في يوم الخميس الماضي، ذكرى 23 أغسطس/ آب الأسود، كتب الزميل المكلّف بمتابعة «هموم» الكهرباء، أن عدد الانقطاعات لهذا العام ارتفعت بنسبة 26 في المئة على العام الماضي، وأن أكثر من 745 انقطاعا منذ مطلع العام الجاري، شمل مختلف مناطق البحرين ومحافظاتها. هذا ومازلنا في عز الصيف، وأمامنا أسبوع من أغسطس، وشهر من سبتمبر/ أيلول، ونصف شهر من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل حتى يرتفع عنا سيف الحر.
مساء الخميس الماضي أيضا، انقطعت الكهرباء عن مجمعات كثيرة بمنطقتي السكنية بالخميس، إلى جانب مناطق أخرى، من البلاد القديم وطشان إلى السلمانية والزنج والزنج الجديدة، فالانقطاعات تحدث بشكل جماعي من دون أن يرف للوزارة جفن، بل دأبت على مهاجمة الناس أنفسهم واتهامهم بأنهم أساس البلاء! وهو ما يدفع المواطنين البحرينيين إلى «الهجرة» مؤقتا إلى منازل أهلهم في مناطقَ أخرى، أو يلجأون إلى قضاء الوقت في المجمعات التجارية، أو اللف بالسيارة في الشوارع المزدحمة بالسيارات حتى يعود التيار.
ولعل آخر «التصانيف» والبدع التي توصّلت إليها وزارة الكهرباء والماء، التفاخر بإعلان شراء جهاز عظيم، هو آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا النووية، يتولى قطع الكهرباء عن المواطنين أوتوماتيكيا! فهذا هو فعلا ما يحتاج إليه المواطن البحريني: جهاز لقطع التيار الكهربائي عندما يتجاوز استهلاك المواطن خط الفقر الكهربائي!
آمنا بالله... ولكن الوزارة، بمهندسيها وفنييها ومستشاريها الإعلاميين المتقاعدين، لم توضّح للجمهور للأسف الشديد، هل سيوصل هذا الجهاز بجميع المنازل والبيوت؟ وهل ستعامل شقة الفقير الصغيرة (في حجم قوطي الطماطه) مع قصر التاجر الكبير (في حجم ملعب كرة القدم)... أم أنه (ناس دون ناس)؟ وهل سيكون الناس سواسية كأسنان المشط عند تحديد الحد الأدنى للاستهلاك... أم أن هناك أناسا (ما تعبّر)؟ وهل سيشمل القطع الفنادق الكبيرة أم أنها مستثناة من القانون الجديد (يعني بالعامي فوق القانون)؟ وهل سيطبق أيضا على الشقق المفروشة وغير المفروشة؟ وإذا طبّق على الشقق المفروشة... فألا يعد ذلك ضربا للسياحة وبالتالي تهديدا للاقتصاد الوطني وتهريبا لرؤوس الأموال الأجنبية والاستثمارات الخارجية؟
أسئلة، من حق المواطنين أن يطرحوها، فالانقطاعات اليوم أصبحت مثل مطر الصيف... تعم وتطم، ولم تعد توفّر منطقة ولا زاوية ولا زرنوقا، من باربار وسترة وكرزكان، إلى البديع والرفاع والبسيتين... مثل جهنم... ما منكم إلاّ واردها... حتما مقضيا.
أكيد بعض الناس راح يستحمقون... لأنهم يريدون الناس يمدحون خططهم العظيمة لشراء أجهزة لقطع التيار، وأكيد راح ياخذون «كوبي» على هالمقال لأرشيف المشاغبين!
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1815 - السبت 25 أغسطس 2007م الموافق 11 شعبان 1428هـ