درست خلال السنوات الخمس الماضية، كجزء من مشروع عن التطرف الديني، وتكلمت مع مسلمين من هيوستن إلى أوشويتز. وبينما اكتسبت فهما أفضل لرؤية المسيحيين والمسلمين لبعضهم بعضا، تعلمت أن أسلوب تواصلنا هو بأهمية الموضوع الذي نتواصل حوله.
خذ كبداية تعبير «الجهاد». يُستخدِم التعبير أحيانا من قِبَل الذين يرغبون برفع درجة الحرارة وإلهاب الحقد تجاه المسلمين. ينزع هؤلاء إلى تعريف هذا التعبير على أنه حملة قاتلة ضد غير المسلمين. إلا أن العلماء والمسلمين المعتدلين يخبرونك أن مفهوم جذور الكلمة هو «الكفاح أو النضال»، وأن الكفاح يشير أحيانا إلى ما هو داخلنا ضد مجالات فشلنا الشخصية.
كلمة «الصليبية» تثير سوء تفاهم مماثل. بالنسبة للكثير من المسيحيين تعبر الكلمة عن جهد نبيل ومحاولة تعبق بالفخر. عرَّف بيلي غراهام اجتماعاته خطأ بأنها جهود «صليبية» مستفيدا من المعاني الضمنية الإيجابية التي واكبت نشر قضية السيد المسيح. إلا أن تعبير «الصليبية» بين المسلمين (والكثير من المسيحيين الأرثوذكسيين الشرقيين كذلك) يثير صورا لمحاربين متعطشين للدماء يستغلون الأرض والشعب وهم ينطلقون إلى الأراضي المقدسة، والتي كانت مقدسة ليس عندهم فقط وإنما عند أعدائهم أيضا.
وهناك أمثلة أقل وضوحا لكلمات لا تترجم جيدا. التسامح مفهوم حميد المقصد ولكنه غير معين دائما بل ويعتبر عدوانيا أحيانا، على سبيل المثال.
قبل أن ينادي المسيحيون بالتسامح تجاه المسلمين، عليهم أن يسألوا أنفسهم، هل يريدون فقط أن يجري التسامح تجاههم؟ وإذا كان الجواب بالنفي فلماذا يتسامح المسلم؟، طلب التسامح قد يُفهَم منه التنازل، كأنما يقول المتكلم: «لقد فهمت الأمور ونظمتها، وأنا أتسامح معك وأتحملك على رغم من جميع مشكلاتك». في كثير من المواجهات قد تبدو المناداة بالتسامح ببساطة محاولة لجعل الآخرين يتساهلون في معتقداتهم.
لم يكن حواري مع المسلمين في السنوات الأخيرة مفعما بسوء الفهم والتفسيرات. لقد أحرزنا تقدما حقيقيا. كان أحيانا صغيرا ومحددا، مثل استخدام «الحفاوة» بدلا من «التسامح» للإعراب عن فتح باب منزل الشخص الروحاني وروحه تجاه الآخر، خصوصا لهؤلاء الذين يعلنون عن إيمان قوي وواضح. عموما، يتم إحراز التقدم من خلال مجموعة من التوجهات العامة.
الخطوة الأولى هي رفع مرآة أمام وجهك. تفحص معتقدات مجتمعك (المسيحيون، في حالتي الشخصية) وكيف يتمسك أفراد مجتمعك بها. من الناحية الإيجابية من المحتمل أن تجد هناك بعض السمات التي يمكنها تحقيق العلاقات. المسلمون المطلعون يتكلمون جيدا كذلك عن الكثير من عناصر المسيحية. من الناحية السلبية ستكشف المرآة عيوبا وحتى يتسنى الاعتراف بها، من دون إذلال أو بروح من كره الذات والتي يمكنها أن تأتي بشكل طبيعي للمسيحيين الذين يصارعون تراثهم، فإنها ستثري الحوار. ويؤدي ذلك إلى الانفتاح عندما لا يضطر أي طرف في الحوار لأن يتظاهر، وعندما يتمكن الطرفان من مواجهة بعضهما بعضا بصدق وأمانة.
من الخطوات الحاسمة الأخرى تثقيف نفسك في ديانة الآخر، وخصوصا من خلال قراءة كتبهم الدينية. في أوقات التوتر والإرهاب ينزع مثيرو الشغب إلى إبراز النصوص المؤتِّرة والمرعبة في كتب الطرف الآخر: القرآن الكريم والكتب السماوية اليهودية والعهد الجديد. اقتراح أن العنف هو الميزة الرئيسية في العقيدة الأخرى أمر غير صادق ويؤدي إلى التغريب. لم أقابل يوما يهوديا أو مسيحيا يعتقد أن النصوص في كتب «الحرب المقدسة» مثل سفر يشوع أو القضاة (أو حاول صموئيل الأول-15)، التي تصرح أو حتى تأمر بالقتل الجماعي، هي موضوعات الدين المسيحي. هذه الديانات تصل ذروتها في رسالات السلام والإبراء. وكذلك الأمر بالنسبة للقرآن الكريم.
وأخيرا، من الأهمية بمكان ألا نتوقع الكثير. إذا جرى الإعلان عن حوارات الديانات على أنها خطوات نحو العالم المثالي (اليوتوبيا) فإنها لن تؤدي إلا إلى خيبة الظن. لن تعني الحوارات الابتكارية والعمل الجماعي أن الإرهاب باسم الله أو محاربة الإرهاب باسم الرب ستختفي (أنظر نيجيريا على سبيل المثال). إلا أنه عندما تكون هناك جهود حقيقية صادقة للبناء على أفضل لحظات التاريخ الإسلامي والمسيحي وعلى الجهود المؤكدة للقادة الحاليين، فإن بإمكاننا الاستفادة من المساهمات في جو يؤخر تقدم التطرف. جهود كهذه تقدم للغالبية العظمى من المسلمين والمسيحيين محبي السلام بعض الأمل، وفرصة لتوجهات أفضل لقضايا تفصل بين مجتمعاتهم.
* أستاذ فخري متميز في معهد فيرفاكس م. كون بجامعة شيكاغو والمدير المشارك لـ«مشروع التطرف» ومشارك في حوار «On Faith»، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 1815 - السبت 25 أغسطس 2007م الموافق 11 شعبان 1428هـ