العدد 1814 - الجمعة 24 أغسطس 2007م الموافق 10 شعبان 1428هـ

في ذكرى الرابع عشر من أغسطس 1971

علي محمد جبر المسلم comments [at] alwasatnews.com

إن لكل مناسبة عظيمة ولكل حادث كبير محطة وتاريخ يتذكره البشر أما المناسبات الوطنية فلها نكهة خاصة لأنها نابعة من القلب. فالأعمال الكبيرة والإنجازات العظيمة الوطنية لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال العمل الجماعي الآمن والروح الواحدة والفكر المتجانس لكونها المحرك والوقود اللازم لدفع مسيرة التقدم والفكر الخلاق في مجال العلم والتجارة والاقتصاد والصناعة. أما أعمال التخريب والتكسير والحرق والسرقة والأعمال الشاذة فهي لا تأتي إلا من أفراد خرجوا عن إيطار الروح التعاونية في المجتمع لسبب يجب معالجته وإلا تراكمت تلك الأسباب وتعاظمت نتائجها العكسية لتطيح في أخر المطاف بأهم منجزات الدولة وتفتت لحمتها وتقضي عليها كما تقضي وتفتك الأمراض بالجسم إلى أن ينهار.

في سنة 1971م وعلى أثر ما جسده الشعب من وحدة الصف والكلمة نالت البحرين استقلالها الرسمي، حينها سقطت كل المراهنات الخاسرة في أيدي مروجي انتمائها لخارج محيطها العربي.

وحدة الصف كانت أقوى الرسائل للمستعمر البريطاني لإنهاء سيطرته وأوضح رفض لأي هيمنة أخرى من قريب أو بعيد. كما أن وحدة الصف فتحت آفاقا كبيرة خطت من خلالها البحرين قبل أي دولة في المنطقة خطوات تقدمية جريئة جسدتها في إنجاز دستور 1972م الذي فتح باب التوافق ومنهج العمل الجماعي على مصراعية لمستقبل باهر و واعد لولا تسرّع أو لنقول عجلة بعض نواب الشعب في طرح مزايدات أصابت روح التجانس في مقتل من جراء الإصرار على الانعطاف الحاد وطلب المشاركة الفورية في إدارة الحكم على حساب سياسة التدرج بالمنهجية الديمقراطية الممكنة للوصول إلى الهدف المنشود كما فعل الشعب البريطاني الذي وصل بهدوء تام وعقلانية حكيمة إلى الخط التقدمي الذي كان ينشده والمشاركة الفعلية في إدارة الحكم مع العائلة الحاكمة في بريطانيا.

إن من البديهي معرفة أن كل الأعمال تنطلق من قواعد ثابتة يمكن التأسيس عليها إلا الأعمال السياسية فهي تنطلق وهذه طبيعتها من قواعد متغيرة وسيور متحرك وعلى كل قائد سياسي أن يتكيف ويتأقلم مع كل وضع وحادث عسكري أو اقتصادي أينما ظهر على الساحة المحلية أو الدولية لكسب الرهان لصالح الوطن كي يتمكن من أجل أمته من الصمود والصعود بجدارة للأفضل في السباقات السياسية الدولية.

إننا لو نظرنا إلى دول العالم الكبرى لوجدنا أن لكل دولة سياسة ومنهج متأصل في إدارة الحكم. منهج عادل وثابت بالداخل للمحافظة على الأمن والاستقرار وسياسة متغيرة مع الخارج سياسة نابعة من طبيعة التكوين البشري والثقافة النفسية. فعلى سبيل المثال هناك دول تقودها السياسة النظيفة داخليا والسخيفة مع الخارج كأميركا لا يهمها إلا مصالحها فقط ولو كان على حساب أرواح أو فناء الآخرين ودول أخرى يقودها الاقتصاد على حساب كرامتها كاليابان ودول تقودها الحكمة المتوازنة كالصين ودول تقودها الخيانة على حساب كرامة واقتصاد شعبها كبعض دول إفريقيا ودول تقودها أنانية رؤسائها إذ فضلّت التبعية وامتطاء أمواج الإملاءات السياسية المستوردة من الخارج تعلو معها تارة وتهبط بها أحيانا كثيرة إلى أن يلفظها بحر السياسة على سيف التعاسة.

«نسألك اللهم اللطف بنا»

إقرأ أيضا لـ "علي محمد جبر المسلم"

العدد 1814 - الجمعة 24 أغسطس 2007م الموافق 10 شعبان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً