تلقت 27 دولة بالمحيط الهادي منها 14 جزيرة، باستياء شديد تهديد الاتحاد الأوروبي بخفض معوناته التنموية لها إذا تأخرت فى التوقيع على صفقة تجارة حرة على شكل اتفاق شراكة اقتصادية، تود أوروبا إبرامها قبل نهاية السنة.
فعلى رغم أن الاتفاق المقترح يفترض أنها تركز على التجارة الحرة أكثر منها على معونة التنمية، فإن المفوضية الأوروبية حذرت دول المحيط الهادي أن تتوقع قدرا أقل من المعونة فى حالة عدم قبولها بها فى تاريخ أقصاه 31 ديسمبر/ كانون الاول المقبل.
وفي رسالة أرسلتها بالبريد الالكتروني، أبلغت المفوضية الأوروبية دول المحيط الهادي أن تتوقع 95 مليون يورو لبرنامج اقليمي مالي في إطار صندوق التنمية الأوروبي وللفترة 2008 -2013، لكن الرسالة نبهت إلى أنه في حال عدم التوصل إلى اتفاق تجارة شاملة قبل نهاية العام، فسيجرى «إعادة برمجة» 48 في المئة من قيمة المبلغ المذكور.
وحذرت الرسالة التي وقعها نائب مدير إدارة العلاقات مع المحيط الهادي فى المفوضية الأوروبية فرانشيسكو أفينيتو في 29 يوليو/ تموز 2007، حذرت أنه في حال التوصل الى اتفاق بشأن تجارة السلع فقط، من دون أن يشمل الخدمات، فإن المعونة الأوروبية لهذه الدول ستنخفض بنسبة 25 في المئة.
وعن تهديد المفوضية الأوروبية، علق مدير أوكسفام نيو زيلاندبارو كوتس، قائلا ان المفوضية الأوروبية لجأت لمثل هذا التكتيك فى مفاوضات أخرى بشأن اتفاقات شراكة اقتصادية مع افريقيا والكاريبي.
ولربما يعتقد البعض أن مفهوم التجارة الحرة، ودورها في تحرير التجارة وتعزيز العلاقات بين الأمم، هو مفهوم معاصر نظرا الى ارتباطه في أذهان الكثير من الاقتصاديين، وخصوصا في الدول النامية، بدعوات العولمة التي شاعت في العقدين الأخيرين. والحقيقة أنه منذ أن كتب آدم سمث كتابه الشهير «ثروة الأمم» في العام 1776، قبل غالبية الاقتصاديين بحقيقة أن التجارة الحرة بين الأمم تساعد في النهوض بالأداء الاقتصادي العام. وانها قد تفتح المجال أمام علاقات تجارية دولية متوازنة نسبيا.
فالتجارة الحرة، التي تعرف بالغالب بغياب الرسوم الجمركية والحصص وغيرها من العوائق الحكومية التي تقف أمام التجارة الدولية، تسمح لكل بلد من البلدان بالتخصص في إنتاج السلع التي يمكن أن تنتج بكلف أرخص وبطريقة أكثر كفاءة مما تنتجه البلدان الأخرى. ومثل هذا التخصص يمكن جميع البلدان من تحقيق معدلات أعلى من الدخل الحقيقي.
وفي حين يعتقد غالبية الاقتصاديين بأن التجارة الحرة أمر مرغوب به فإنهم يختلفون بشأن أفضل طريق للانتقال من حالة فرض الرسوم الجمركية وحصص الواردات إلى التجارة الحرة.
ويحدد نورمان ميرز (Norman Myers)، الذي يملك مؤلفات عدة بشأن البيئة والحائز على شهادات دولية في العلاقات الدولية، بالإضافة إلى أعماله مع الأمم المتحدة والبنك الدولي في قضايا العلاقات الدولية الاقتصادية والتنموية، ثلاثة مناهج التي يمكن من خلالها إصلاح وتحرير التجارة (النهج الأحادي والنهج الثنائي والنهج متعدد الأطراف). ويشرح نورمان بشكل مقتضب محاسن ومساوئ كل من تلك المناهج في مقالة نشرها له موقع وكالة الأنباء العالمية http://www.ipsinternational.org/arabic/nota.asp?idnews=953
ويرى نورمان وآخرون غيره ممن يبحثون عن علاقات تجارية دولية عادلة، أنه بدلا من أن تكون التجارة عاملا لخدمة التنمية، والقضاء على الفقر؛ فقد تحولت إلى وسيلة غير عادلة للتنمية الاقتصادية في البلدان النامية، وآلية لفرض سياسات اقتصادية بعيدة كل البعد عن العدالة من قبل الدول المتقدمة باتجاه الدول النامية، اذ ان التبادل التجاري بين الدول المتقدمة والدول الأقل تقدما يحدث على أسس غير متساوية، مما يستوجب أن يكون أكثر عدلا وإنصافا وذلك بحماية الدول الأضعف. وهذا ما تؤكده بشكل ساطع رسالة المفوضية الأوروبية إلى دول المحيط الهادي.
المفهوم الذي بدأ يشق طريقه اخيرا كمنافس لمفهوم: التجارة الحرة، هو فكرة «التجارة العادلة» التي طفت إلى سطح العلاقات التجارية الدولية في مطلع التسعينيات من القرن العشرين، عندما تبنت بعض المنظمات والمؤسسات الأوروبية والأميركية فكرة تحقيق سعر عادل لمنتجات صغار المزارعين ومصدري المواد الزراعية وأصحاب الحرف التقليدية، وخاصة في دول العالم النامي.
وتقوم فكرة التجارة العادلة بالأساس على كيفية توفير فرص وسبل جيدة للمنتجين في الدول النامية لبيع سلعهم ومنتجاتهم بأسعار عادلة «قريبة» من الأسعار العالمية، وتقليل حالات الاستغلال التي يتعرض لها هؤلاء المنتجون، وخصوصا من بلدان الشمال المتقدم.
وتشير دراسة أنجزت لحساب كتابة الدولة للشئون الاقتصادية السويسرية إلى أن التجارة العادلة تساعد في تجنب الصراعات وتعمل على تحسين دخل جميع المنتجين بما في ذلك غير المنخرطين في نظام التجارة العادلة.
وبرز هذا المفهوم (التجارة العادلة) بشكل أوضح على يد مؤسسة «أوكسفام» العالمية التي تأسست العام 1942 وهي عبارة عن اتحاد من المنظمات غير الحكومية المستقلة التي تكرّس نشاطاتها لمكافحة الفقر.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1814 - الجمعة 24 أغسطس 2007م الموافق 10 شعبان 1428هـ