ونحن على أعتاب عام دراسي جديد يبدو أننا مضطرون إلى أن نكرر التذكير بأهمية تطوير الكتاب المدرسي، شكلا ومضمونا، ما يجعله أكثر مواكبة لمتطلبات العصر وأكثر جذبا للطلبة أحد أبرز الأحلام الوردية التي طالما حلم به المعلم والطالب وولي الأمر، فهناك فعلا حاجة إلى وقفة تقويم لواقع الكتاب المدرسي، واستشراف مستقبله، فالتقدم التكنولوجي يزحف نحونا بخطى حثيثة، لاسيما وأن الوزارة اتجهت قبل أعوام إلى مدارس المستقبل والكتاب الالكتروني، وبالتالي تعد فكرة استبدال الكتاب المدرسي بكتاب آخر يتناسب مع عصر التجديد والتكنولوجيا أمر يتطلع إليه أي متعلم واقعا، والأهم من ذلك كله ليس في الكيف ولكن المضمون وما يحتويه الكتاب من مضامين، وما يشتمل عليه من معارف وحقائق، باتت على رأي الطلبة والطالبات مملة للغاية وتحتاج إلى وقفات تطوير وإحياء فهي في الأساس تحتاج إلى الحفظ وبالتالي الأسلوب الأمثل للتعاطي مع المعلومات التلقين والنتيجة المرجوة هي النسيان ولا شيء سوى النسيان الذي ينتظر المعلومات بعد حفظها وعملية تفاعل الطالب مع المعلومات تبقى محدودة جدا، لأنه أساسا غير مطلوب منه التفاعل معها، فأسئلة التقويم هي التي تقرر موقف الطالب من المعلومات ومحتوى المنهج فأما أن يكون حافظا لها، وإلا فإن نتيجته ستتأثر بما تم تحصيله إيما تأثر، أتذكر بأنه لا جديد في الموضوع فعندما كنا طلابا في المرحلة الابتدائية لم يتغير جوهر الأمر عندما انتقلنا للإعدادي وهكذا مرورا بالمرحلة الثانوية الحاسمة والتي تقرر مستقبل الطلاب، وانضمامهم للحياة الجامعية، الأمر نفسه تماما نكرره مع أبنائنا، أمامهم خياران لا ثالث لهما أما الحفظ وإلا الإخفاق وضعف التحصيل الدراسي وبتنا نؤكد على أهمية الحفظ، ونسعد كثيرا حينما نرى في الأفق أمرا إيجابيا يشخص الحال ويعمل على تصحيح الوضع بشكل إيجابي فلابد من التجديد والتطوير والتغيير، فالتغيير سنة الحياة، والأرض تدور من حولنا ولا يمكن لنا أن نقف مكانك سر، والمناهج الدراسية من أهم الحقول التي تحتاج منا إلى وقفات جادة مخلصة، وإلا لماذا تقرر الكثير من العوائل إلى أخذ أبنائها إلى المدارس الخاصة؟ ويدفع حينها الغالي والنفيس؟ مع توافر المدارس الحكومية التي لا تألوا جهدا في سبيل توفير الأفضل والأجود ومع شعارات الجودة وغيرها من شعارات تحمل روح تربوي متقدم؟
الجواب حتما يتعلق بالمناهج الدراسية وطبيعتها فالمدارس الخاصة تختلف كثيرا عن المدارس الحكومية في هذا الموضع، وعلينا أن نستفيد منها، لا يمكن تطبيق كل ما تطبقه المدارس الخاصة، مفهوم جدا وأمر مستوعب، ولكن نحن نسعى إلى تطوير التعليم ولن يتحقق ذلك بمناهج لا تحاكي التطوير كما وكيفا ومضمونا وشكلا. أحدى الباحثات الإيرلنديات وتدعى دونيليون والتي أقامت في السعودية حوالي ثمانية عشر عاما منذ العام 1982 وحتى 2000، كانت قد أوكلت بمهمة مقارنة المناهج السعودية التي أقامت فيها عنها في إيرلندا موطنها الأم، يذكر بأن آخر تقارير الاتحاد الأوربي صنفت التعليم في إيرلندا في المرتبة الأولى كأقوى نظم للتعليم أوربيا، فضلا عن أن دخل الفرد الإيرلندي يعتبر الثاني أوروبيا بعد السويد.
وصفت حينها الباحثة المناهج السعودية وهي ربما لا تختلف كثيرا عن ما هو لدينا في البحرين من مناهج، بل أردنا أن نكون منصفين ربما تتقدم علينا بعض الشيء لست متأكدة تماما لأنني واقعا لم أطلع عليها ولكن أشعر بأن السعودية ربما تتقدم علينا لتقدمها علينا عموما في مجال التعليم على رغم من بدء التعليم لدينا بشكل أبكر.
قالت حينها عن المناهج السعودية في مهمتها: «إن مناهج السعودية قائمة أساسا على قاعدة تعلم بعيدا، وأحفظ عن ظهر قلب لغاية وقت الامتحان، وحالما تنتهي من الامتحان انس معلوماتك» ذلك كان أهم تعليق أكدت عليه الباحثة وأظن بأنها حقيقة وواقع نتلمسه نحن وأيضا أرباب الأعمال يرون ذلك بأم أعينهم وعادة ما يشككون في مخرجات التعليم لأنهم لا يرون آثار ما تم تعلمه، وذكرت الباحثة أيضا بأن الطالب في المرحلة الثانوية في السعودية يملك كما هائلا من الموضوعات في المنهج أما الطالب في إيرلندا فاختياراته محدودة جدا مقارنة بالسعودية فأمامه مابين 6 ـ 8 موضوعات فقط، ما يبعدهم عن سلبية التلقين والحفظ، وأهم ما دعت إليه من خلال الدراسة دعوة رجال الأعمال إلى تبني فكرة إنشاء قناة تعليمية سعودية، تدمج أفلاما وبرامج تعليمية مع برامج التسلية الظريفة، أظن بأن الحالة السعودية ليست غريبة علينا بل ربما نقترب منها كثيرا، ولا ينبغي علينا أن نقف في آخر الطابور وننتظر دورنا وهذه حقيقة نفهمها جيدا من خلال توجهات وزارة التربية والتعليم، فالتكنولوجيا تغزونا وعلينا أن نأخذ بالأسباب، ونحن ننتظر دعم الخطوات الإصلاحية الجريئة والتي تسعى لتطوير التعليم.
إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"العدد 1814 - الجمعة 24 أغسطس 2007م الموافق 10 شعبان 1428هـ