تلوح في الأفق بوادر أزمة عالمية، أو بالأحرى إشارات لكساد شبه شامل، يهدد بضرب الاقتصاد العالمي. فما يحدث اليوم في الولايات المتحدة الأميركية، والذي حتم استنفار مصارف العالم المركزية، من طوكيو حتى نيويرك مرورا بالمنطقة العربية، وأرغمها، في فترة قياسية نسبيا، على أن تضخ مليارات الدولارات في الأسواق الماليه لتفادي أزمة مديونية القطاع العقاري الأميركي.
وتحذر التقارير من أن حجم تداين القطاع العقاري في الولايات المتحدة يبلغ حوالي 417 مليار دولار، وهو رقم مفزع بكل ما تحمله الكلمة من معنى، إذ ستؤدي هذه الأرقام إلى إفلاس أو إعادة هيكله بعض المصارف الأميركية ومن ورائها شركات في أوروبا وآسيا. وتقول التقارير الدوليه الصادرة في الصحف العالمية إن الاستثمارات العقارية أو المرتبطة بأصول عقارية في أميركا بدأت تلمس المشكلات والصعوبات نتيجة مانشأ جراء تخلف سداد القروض العقارية الممنوحة برهونات وضمانات غير كافية.
الأمر يزداد صعوبة وتعقيدا عندما نكتشف حقيقة أن كثيرا من القروض الإسكانية منحت للمقترضين من ذوي الاعتماد أو سجل الائتمان الضعيف أو المعدوم، وبالتالي، فمثل هؤلاء الزبائن، غير مؤهلين للحصول على أسعار الفائدة الأقل السائدة في سوق القروض العقارية المضمونة برهونات من الدرجة الأولى.
محصلة كل ذلك يضع علامة استفهام كبيرة أمام أداء البورصات وتأثيرها على القطاع العقاري في الولايات المتحدة. لكن الأهم من ذلك كله هو مدى انعكاسات هذه التطورات على القطاع العقاري في دول مجلس التعاون الخليجي، وخصوصا في بعض دوله مثل قطر ودولة الإمارات اللتين تشهدان ثورة عقارية غير مسبوقة في تاريخ المنطقة.
ولو توقفنا عند الدوحة فسيشوبنا بعض التفاؤل حين نسمع ما يراه الرئيس التنفيذي لشركة السلام العالمية عيسى عبد السلام أبو عيسى، الذي يعتقد «أن القطاع العقاري القطري هو قطاع ناشئ ومرحله التشبع لم يبلغها بعد، بل على العكس، الفرص الاستثماريه مازالت كبيرة وخصوصا في ظل اختلال التوازن بين العرض والطلب وهو ما يقيم الدليل على قابلية السوق لضخ استثمارات جديدة وهي وضعية عكسية في الولايات المتحدة».
مقابل هذا الرأي المتفائل، يرى بعض المختصين، أن السوق القطرية على رغم كونها لاتزال بكرا فهي مدعوة إلى الوعي بأهيمة أن ترشد استثماراتها في هذه المجال، بمعنى أن تقوم بالتوفيق بين العرض والطلب حتى تتفادى النقص الحاصل في الوقت الراهن في الوحدات السكنية التي تعرف في المدى القصير وفرة في الشقق الفاخرة ونقصا في المتوسطة وهو لا يتماشى مع القدرات الشرائية للمستأجرين في قطر فهم غالبيتهم من الطبقة الوسطى وهو مايعني قطعا تكييف العرض مع الطلب حتى لايضطر المستثمرون في قطر إلى بيع أو تأجير شققهم دون أسعار الكلفة بالنسبة للسكن الفاخر، وبالتالي التقليص في هامش الربح الذي يعد في جزء منه استثمارا للمستقبل.
وتدعو أصوات أخرى تقف في المساحة الرمادية، بين التفائل المغامر والتشاؤم المحافظ، إلى ضرورة وجود مرصد يتابع قطاع السكن في قطر. وتعتبر ذلك أمرا حيويا ليضبط توجهات القطاع الذي يعرف استثمارات بمليارات الدولارات تترجمها المدن المقامة في مراكز مختلفة تتوزع في أرجاء الدولة. فعلى سبيل المثال، يعد مشروع «مدينة لوسيل» أبرز وأهم مشروعات المدن السكنية، وهي المدينة التي سيكون بمقدورها عند اكتمال مراحل بنائها في العام 2010 استيعاب نحو 200 ألف نسمة.
وتصل الكلف الإجماليه للمشروع الذي سيقام على مساحة تزيد على 35 كيلومترا مربعا شمال الدوحة الى نحو 5 مليارات دولار. ومن المشروعات الأخرى التي سيشهدها سوق العقار القطري، مشروع فريد من نوعه يتمثل في بناء برج سيكون الأعلى في منطقة الشرق الأوسط، إذ يتكون من 120 طابقا، وسيتم بناؤه بمواصفات غير مسبوقه تجعله قادرا على جذب المستثمرين. وسيحيط بمشروع أعلى برج في منطقة الشرق الأوسط نحو 180 برجا كانت الحكومة القطرية أعلنت عن تشييدها خلال السنوات الخمس المقبلة ويصل ارتفاع بعضها الى 100 طابق على ألا يقل الحد الأدنى عن 15 طابقا. على صعيد آخر يرجح الخبراء أن يبلغ حجم الاستثمارات التي ضخت في الأبراج الموجودة في الدوحه نحو 60 مليار دولار
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1812 - الأربعاء 22 أغسطس 2007م الموافق 08 شعبان 1428هـ