بمشاركة من مندوبة أمين عام الجامعة العربية رئيسة وحدة الملكية الفكرية في الجامعة مها البخيت وأمين عام الاتحاد العربي للملكية الفكرية طلعت زايد وعدد من القضاة من الدول العربية، انطلقت يوم الثلثاء (18 نوفمبر/ تشرين الثاني 2008) أعمال الدورة التدريبية والبرنامج الخاص بإعداد وتأهيل قضاة ومحامين ومستشارين عرب في مجال الملكية الفكرية. وقد انتظم في تلك الدورة قضاة ومحامون ومستشارون قانونيون عربا في برنامج تدريبي ينظمه الاتحاد العربي للملكية الفكرية والمعهد القضائي الأردني للتعريف بالقواعد التي تحكم دعاوى الملكية الفكرية كنظام قضائي متخصص. وسيتم منح المشاركين شهادة معتمدة من مجلس الوحدة الاقتصادية العربية التابع لجامعة الدول العربية ومن الاتحاد العربي للملكية الفكرية والمعهد القضائي الاردني.

ويبدو مما ورد فيما تناقلته وكالات الأنباء، أن مادة الدورة غنية بالموضوعات التي ستناقشها الدورة، إذ سيجري بحث موضوعات مثل: التنظيم الدولي والعربي لحماية حقوق الملكية وتشريعات الدول العربية في هذا المجال، ومفهوم المنازعة وتعارض الحقوق والمصالح، وطبيعة النزاعات ومدى ملاءمة الوساطة والتحكيم والصعوبات التي تثيرها الملكية الفكرية، وموقف الاعلام من انتهاكات الحقوق.

والمقصود بالملكية الفكرية هو كل ما ينتجه الفكر الإنساني من اختراعات وإبداعات فنية وغيرها من إنتاج العقل الإنساني. وحقوق الملكية الفكرية كما يعرفها حيدر البشير الذي يملك موقعا خاصا يعرف بالملكية الفكرية، وهي «تلك الحقوق التي ترد على أشياء غير مادية ولا يمكن تقويمها بالنقود كالأفكار والمخترعات التي تنبثق عن قرائح الذهن البشري, ومن أمثلتها حق الكاتب أو الأديب مؤلفاته, وحق المخترع على اختراعه, وحق صاحب المصنع على الرسوم والنماذج الصناعية التي تتميز بها منتجاته».

ووفقا للمنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» (WIPO): فالمقصود بالملكية الفكرية، هو «كل أعمال الفكر الإبداعية أي الاختراعات والمصنفات الأدبية والفنية والرموز والأسماء والصور والنماذج والرسوم الصناعية».

وبخلاف ما قد يتوقعه البعض منا فمفهوم الملكية الفكرية ليس مفهوما جديدا، ويرجعه البعض إلى عهد النهضة في إيطاليا، عندما صدر في العام 1474 قانون في البندقية ينظم حماية الاختراعات. وقد نص القانون حينها على منح حق استئثاري للمخترع، أما بالنسبة إلى حقوق التأليف فارتبطت مع اختراع الحروف المطبعية والآلة الطابعة على يد يوهانس غوتنبرغ نحو العام 1440. وقد تطور الموضوع مع تطور الإنتاج الفكري الإنساني، وارتبط ذلك، إلى حد بعيد، بتطور حركة الإبداع التي دفعت عددا من البلدان الأوروبية في نهاية القرن التاسع عشر إلى الشعور بضرورة وضع قوانين تنظم الملكية الفكرية. لكن هناك شبه إجماع على اعتبار تاريخ التوقيع على معاهدتي: اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية 1883 واتفاقية برن 1886 لحماية المصنفات الأدبية والفنية، نقطة الانطلاق التي أسست لقوانين الملكية الفكرية التي نعرفها اليوم. ومنذ ذلك التاريخ تسارعت وتيرة الاهتمام العالمي بالملكية الفكرية وتوج ذلك بتأسيس المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) في العام 1970، لغرض النهوض بحماية الملكية الفكرية والانتفاع بها في جميع أنحاء العالم.

ولابد لنا من الإشارة إلى انضواء حقوق الملكية الفكرية، وهي تلك الحقوق المعنوية التي تفسح في المجال أمام المبدع أو مالك البراءة أو العلامة أو منتج أي من المنتجات الأخرى الناتجة عن نشاط فكري بالاستفادة من عمله أو استثماره، تحت المظلة العامة لحقوق الإنسان التي وردت في المادة (27) من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان التي نصت على ضرورة التمسك بحق «الاستفادة من حماية المصالح المعنوية والمادية الناجمة عن نسبة النتاج العلمي والأدبي أو الفني لصاحبه».

كل المؤشرات تدلل على تنامي حركة الملكية الفكرية والحقوق المتعلقة بها، الأمر الذي يطرح أهمية وجدوى التفكير في إنشاء مركز متخصص يتولى التدريس بشكل أكاديمي، وعبر عقد دورات مكثفة متخصصة في هذا المجال، وخاصة أن منظمة «الويبو»، سعت منذ أكثر من عشر سنوات من أجل التعاون مع من يرغب من الدول العربية، ومن بينها دول مجلس التعاون من أجل دراسة مشروع من هذا النوع، لكنها لم تتلقَ الردود المتوخاة.

ولعلنا اليوم في البحرين، ونحن ندخل مع دول خليجية أخرى، عصر تأسيس الحكومات الإلكترونية التي هي أحوج ما تكون إلى قوانين ومؤسسات ومتخصصين في قضايا الملكية الفكرية، أكثر الدول الخليجية أهلية للشروع في تنبي مثل هذه المؤسسة.