بينما يتابع العالم الأزمات المتفجرة في العالم من كابول إلى بغداد، مرورا بطهران والأراضي الفلسطينية المحتلة والمحررة، يغفل العالم، بوعي أو من دون وعي، قضية إنسانية حيوية هي الماء وتوفره للإستخدام الصحي الصحيح في مختلف مجالات الحياة. فقد ظهر جليا في العقود الماضية أن العالم يعاني من نقص متزايد في مياه الشرب. وأصبحت نسبة المياه العذبة لاتشكل أكثر من 0,3 في المئة من مخزون الأرض من المياه، وهي لاتصل إلى الجميع، إذ يفتقر إليها 20 في المئة من سكان كوكبنا.
وفي 13 أغسطس / آب 2007، وهو ثاني أيام أسبوع المياه العالمي بالعاصمة السويدية (ستوكهولم)، طالب رئيس وزراء السويد «فريدريك راينفيلدت» بضرورة بذل المزيد من الجهود للتغلب على ظاهرة التغير المناخي، للحيلولة دون تفاقم المشكلات الناجمة عن ندرة المياه.
ويشارإلى أن وفودا من 140 دولة تشارك في المؤتمر الذي تستضيفه السويد، كمنتدى دولي يعقد منذ بداية تسعينيات القرن العشرين، لمناقشة المبادرات التنموية والبيئية في مجال المياه.
وأكد رئيس الوزراء السويدي أمام 1300 مشارك خلال المؤتمر، وفق ما ورد في وكالة الأنباء السعودية، أن استمرار التغيرات المناخية، سيؤدي إلى تصحر أجزاء كبيرة من العالم وفيضانات في مناطق أخرى.
وأضاف أن حوالي مليار شخص في العالم لا يحصلون على مياه شرب نظيفة، في حين يوجد أكثر من 2,4 مليار شخص، لا يحصلون على خدمات الصرف الصحي، وهو ما يسهم في حدوث حوالي 34 ألف حالة وفاة يوميا، مشيرا إلى أن تحرك الاتحاد الأوروبي وحده لايكفي في مواجهة هذه الظاهرة، والمطلوب إلزام الولايات المتحدة والصين والهند بالمشاركة الفعالة في هذه الجهود
وأخيرا، اعتبر نائب رئيس المجلس العالمي للمياه، وليام كوسغروف أن نصف سكان العالم يمكن أن يعانوا من أزمة مياه العام 2025 وفقا لوتيرة الاستهلاك الحالية، داعيا الحكومات إلى وضع حل لهذه المشكلة بسرعة على رأس أولوياتها الإنمائية والاستثمارية.
وقال كوسغروف للصحافيين في العاصمة اليابانية طوكيو إن «30 في المئة من سكان العالم يعانون من أزمة مياه، وإذا استمر الوضع على هذه الوتيرة (من الاستهلاك) فإن الأزمة ستطال 50 في المئة من الناس في العام 2025.. إنه أمر غير مقبول».
وأضاف كوسغروف «أن مليوني طفل يموتون سنويا بسبب مشاكل على علاقة بالمياه.. الأنهار والمستنقعات تجف والأنظمة البيئية دمرت.. لسنا سوى أحد الأجناس على الأرض، لكننا نقوم بالقضاء على الأجناس الأخرى».
وتؤكد تقارير الأمم المتحدة كافة أن أزمة المياه العالمية حادة جدا إلى درجة أن القضاء على الجوع يحتاج إلى نحو 30 عاما. وتعتقد المنظمة الدولية بأن الهدف المرسوم لخفض نسبة الجوع في العالم إلى النصف بحلول العام 2015 قد يكون أمرا بعيد المنال. ويتوقع أن تصبح حصة الفرد من المياه على النطاق العالمي بحلول العام 2020 أقل بمقدار الثلث مما هي عليه الآن. وترى الأمم المتحدة أن غياب التحرك السياسي ونقص الوعي يساهمان في تفاقم الأزمة.
وفي العام 2003 صدر تحذير من البرنامج العالمي لتخمين المياه الذي يوحّد جهود 23 من وكالات الأمم المتحدة. وقد أعد البرنامج تقريرا بعنوان «الماء للبشر... الماء للحياة» قدمه أمام المنتدى العالمي الثالث للمياه الذي عقد في مدينة كيوتو اليابانية بين 16 و23 مارس/ آذار 2003. ويقول التقرير في الفصل الخاص بالزراعة إن 25 ألفا يموتون جوعا كل يوم بينما يقدر عدد الذين يعانون من نقص في الغذاء بـ 815 مليونا. ويرد في التقرير أن الهدف التنموي الذي اتفق عليه دوليا هو الحد من عدد الجياع في العالم بمقدار النصف بحلول العام 2015، لكن هذا الهدف قد لا يتحقق قبل العام 2030. وسبب ذلك حسب التقرير؛ هو أن التقديرات الماضية لتوفر الغذاء لم تميز بين المحاصيل التي تروى سيحا وتلك التي تسقى ديما. ويقول التقرير إن 45 مليون هكتار من الأراضي ستكون غير مروية بصورة كاملة بحلول العام 2030، ما يتطلب زيادة مقدارها 14 في المئة من الماء المستخدم للري. ويستخدم حاليا نحو 70 في المئة من المياه للري في جميع أنحاء المعمورة. وحتى الآن يستخدم 20 من مجموع 170 بلدا يتناولها التقرير نحو 40 في المئة من موارده المائية المتجددة لأغراض الري.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1810 - الإثنين 20 أغسطس 2007م الموافق 06 شعبان 1428هـ