أهالي المالكية انتصروا أمس لأنهم أصحاب حق التزموا بحقهم وطالبوا بتطبيق القانون على الجميع، هم انفسهم فوجئوا قبل عامين بأن جدارا يفصلهم عن بحرهم الذي ارتبط به تاريخهم ورزقهم وحياتهم، كانوا منذ البداية يطالبون بتطبيق القانون، لم يعتدوا على أحد, بل طالبوا سلما قبل ان تتفاقم الأمور وتنجر الى ساحة المناوشات بين الفينة والآخرى، اذ توجهت اللجنة الأهلية والمجلس البلدي نحو حقهم عبر استخدام الأساليب التي جذبت لهم اهتمام وتأييد الجميع.

وأمس كان الخبر مفرحا لكل البحرينيين قبل ان يكون لأهالي المالكية، والفرح الذي اغتمر رئيس بلدي الشمالية يوسف البوري والممثل البلدي علي منصور والآخرين انما عكس فرحة المنتصر لحقه، وفرحة من يجد له آذانا صاغية في القيادة السياسية، وجاء الأمر الملكي أمس بازالة الحظور التي مثلت وجها قبيحا للاعتداء على أرزاق الناس في خطوة اتسمت بالحكمة وقبل ان تنجرف الحوادث الى منحى قد لا يسر.

انتصار الأمس ما هو إلا انتصار لحكم القانون وللعدالة وللإنصاف وهو أيضاَ معلم للبحرين بأن المطالبة بالحق يمكن أن تتحقق عبر الأساليب السلمية وذلك بعيدا عن دائرة العنف واستنزاف الحقوق التي هي جزء من حقوق المواطنة الشرعية والمدنية.

لن يكون من مصلحة احد أن يتمزق الوطن بسبب تمزق الحقوق، وعيش صياد هذه القرية الساحلية يعتمد على هذا الساحل وهو حق لا يمكن المساس به, الذي منه واليه يعيل عائلته برزق متواضع فقط من أجل الاستمرار والعيش بكرامة لا تسحق فيها انسانيته وانسانية عائلته.

ان الطبقة الكادحة والمعدمة في معظم المجتمعات غالبا ما تكون منسية لكن في ظل تفعيل العدالة الاجتماعية فان الحق لا يضاع ولا يقتل... والحقوق الاقتصادية والبيئية جزء من نظام العدالة الاجتماعية التي تسنها وتؤكد عليها جميع مواثيق حقوق الانسان الدولية والتي بها ترتقي الامم وتتقدم المجتمعات, فعندما تجد جميع الطبقات الاجتماعية ان حقوقها ماثلة بحكم القانون فان هذا هو مفهوم المواطنة الحقيقية، أي لا مجرد كلام وشعارات رنانة بل فعل وتطبيق على الأرض.

قضية المالكية ليست حدثا عابرا... بل حدث سيبقى في ذاكرة رجل الشارع البسيط الذي مثله مثل غيره لم يخيب ظنه عندما انتخب من يمثله في المجلس البلدي ليدافع عنه, وكذلك الحال بالنسبة لمن بذلوا جهدا وبوطنية عالية من أجل رفع نصرة المظلوم، انتصار أهالي المالكية هو انتصار لكل البحرين!