لا يمكن أن يتجاهل أي بحريني الشارع المؤدي إلى الكنيسة الإنجيلية الوطنية (الإرسالية الأميركية) وجامع الفاروق الكبير ومقبرة المنامة صاحبة الخصوصية الشيعية، تلك النقطة الحية التي تمثل ملتقى الأديان في قلب المنامة القديمة.
ليس هذا فحسب، فحتى مقبرتا المسيحيين واليهود البحرينيين اللتان لا تبعدان عن هذا الموقع سوى بضعة أمتار لاتزالان محط اهتمام الزوار والمهتمين بتاريخ العاصمة القديم ألا وهي المنامة المعروفة ببوابتها وفرجانها إلى آخره.
وكما يعلم الجميع فهي عاصمتنا والبوابة الرئيسية لشكل البحرين ومن دونها فإن شكل الوطن لا يبدو متكاملا ولا متناسقا، وبالتالي فإن إهمال هذه المدينة القديمة معناه أننا نتخلى عن تاريخنا الذي محيت ملامحه بسبب الاستهتار في كثير من الأمور بما فيها الاستمرار في جلب الأكوام البشرية من كل شرق وغرب من دون إستراتيجية واضحة.
إن العودة إلى المنامة كالعودة إلى شيء فقدناه، ونحن في أمسِّ الحاجة إلى شيء يدغدغ ذاكرتنا البحرينية، فلا يكفي أن نخلق مدنا جديدة على طول الواجهة البحرية الممتدة من المنطقة الدبلوماسية وصولا إلى ضاحية السيف، فتلك مدن لا نعرفها ولا تعبِّر عن هويتنا وثقافتنا لأنها جاءت مع طفرة الأموال والعقارات، بينما تركت المنامة القديمة جنبا من دون استثمار حقيقي في إعادة أحيائها بشكل يتناغم مع الطفرة التي تشهدها البلاد والانشغال ببناء مدن أخرى لا نعرف عنها سوى ملصقات ورسوم إلكترونية للمدينة كذا... والجزيرة كذا... وفيلا كذا... وعنواني في كذا...!
وظهر أمس هاتفتني سيدة فاضلة، تحدثت معي والحسرة تملأ كلامها على ما وصلت إليه مدينتنا اليوم، وبسبب طلبها المشكور إعادة الكتابة عن مدينتا المنسية (المنامة) التي لم يبق منها سوى القليل والقليل الذي نأمل من جهة ما رسمية أو أهلية أو مستثمر أن يتبنى مشروع إعادة ما بقي من قديم المنامة حتى تعود الروح من جديد وتكون بحق بوابة للسياح والزوار، ممن يريد أن يعرف شيئا ما عن عاصمتنا وأحيائها وطرقاتها التي لو عاد ترميمها وتنظيفها وتنسيقها ستبدو أكثر جمالا من مدن المستقبل... فهل من أحد يسمع؟!
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 2267 - الأربعاء 19 نوفمبر 2008م الموافق 20 ذي القعدة 1429هـ