العدد 2267 - الأربعاء 19 نوفمبر 2008م الموافق 20 ذي القعدة 1429هـ

سطوة الفنون التشكيلية (منوعات)

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

ما لم يلحظه كثيرون أن الفن التشكيلي تجاوز بمراحل الألوان والأشكال التعبيرية الأخرى في مملكة البحرين. ربما نكون البلد الوحيد – على الأقل – ضمن منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية – الذي تسبق فيه الفنون التشكيلية بمراحل الشعر والقصة والرواية، عدا النقد.

ثمة إشكالية هنا، علينا أن نلتفت إليها تتعلق بالدرجة الأولى بالسبْق البدهي الذي سجل للشعر والفنون السردية، إذا ما التفتنا إلى البدايات الأولى من تشكل ملامح حراك ثقافي عرفته البحرين في عشرينيات القرن الماضي، الأمر نفسه ينسحب على المملكة العربية السعودية التي عرفت ريادة في الشعر والسرد قبل أن تطل الفنون التشكيلية برأسها ضمن تجارب رواد أخذوا مكانهم في المشهد التشكيلي العربي، على رغم الموانع التي حالت دون أن يأخذ الفن التشكيلي/التصويري مكانته، بحكم انشداد – حينا - وهيمنة - حينا آخر - من قبل المدرسة الدينية (الوهابية) التي فصلت في الأمر بالتحريم القطعي لتلك الفنون.

في البحرين يمكن تلمّس تلك الريادة منذ مطلع السبعينيات من القرن الماضي، وصولا إلى نضجها وتميزها في أواخر التسعينيات – لست بحاجة لأن يذكرني أحد بريادة إبراهيم العريض، والشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة، والشيخ أحمد بن محمد آل خليفة، يوم لم يكن للفنون التشكيلية أي حضور يذكر. ذلك صحيح، لكن مع اختلاف معاصرة وتفرد ذلك الشعر ضمن سياق تجارب شعرية عربية.

في الفنون البصرية ثمة تلازم لطبيعة هذه الجزيرة، والفنون التي يتم اجتراحها ضمن هذا المناخ والحيز. نحن كشعب منفتح على العالم، بحكم التكوين والتشكيل الجغرافي، أتاح للفنون التشكيلية تلك مثل ذلك التسيد والهيمنة.

اليوم بتاريخ 20 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، تظل الفنون التشكيلية سيدة المشهد من حيث الكم والنوع، ولم يعد النص الشعري مرجعية رئيسة لتخليق رؤية فنية بصرية كما كان في ظل ضمور بين للوحة؛ إذ أصبحت اللوحة هي المرجع الذي يمكن التعويل عليه في كثير من النصوص المنجزة حديثا.

باستثناء صوتين أو ثلاثة أصوات، لم تعد طاقة الصورة واكتنازها وتكثيفها الموظف توظيفا مدهشا، حاضرة في الكثير من النصوص الشعرية التي تطلع علينا كما يطلع الحتف! بات كثير من الشعر اليوم «رصف كلام» و»غرف للدردشة» أكثر من تمثيل لواحد من أنبل وأصعب الفنون الإبداعية التي عرفها العالم. يبدو أن الشعر بدأ في فقدان نبله على امتداد مساحات يصعب حصرها في العالم اليوم.

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 2267 - الأربعاء 19 نوفمبر 2008م الموافق 20 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً