لا يعرف سر معارضة محافظ المحرق سلمان عيسى بن هندي المشروعات التنموية، فقبل مدة تبنى المحافظ طرحا مناطقيا عندما أعلن وبشكل أحادي بتحديد المتاجرة في أراضي المحرق. وثارت ثائرة الناس وقتها لولا تدخل العقلاء من المحرق والمناطق الأخرى لإطفاء نار الفتنة. في المقابل لم يقم المحافظ بأية خطوة للتقليل من شأن قراره غير المنصف بحق المحرق والبحرين عموما، وكادت عدوى هذا الطرح غير المسئول تنتقل إلى مناطق أخرى في البلاد لكن الله سلم بسبب حكمة المجتمع البحريني.
أكثر من محافظ
وفي الأسبوع الماضي ابتدع المحافظ بدعة جديدة حين أعلن وبشكل قاطع ممانعته تشييد مصنع للأسمنت في منطقة الحد الصناعية بحجة أن المشروع له تأثير سلبي على المحرق. وربما فات سلمان عيسى بن هندي أن وزارة الصناعة والتجارة هي من تتحكم في المنطقة الصناعية في الحد بموجب المرسوم بقانون رقم 28 لسنة 1999م بشأن إنشاء وتنظيم المناطق الصناعية، بمعنى آخر, فإن المنطقة الصناعية في الحد الواقعة في محافظة المحرق تخضع لشروط وزارة الصناعة والتجارة وهي الوحيدة المخولة استصدار التصاريح الصناعية.
حقيقة القول لم يوضح المحافظ كيف توصل إلى نتيجة مفادها أن المصنع المزمع إقامته لحساب شركة البحرين الوطنية للأسمنت سيكون له تأثير سلبي على سلامة المنطقة والبيئة ما يستدعي عدم تشييده، على الأقل المطلوب من المحافظ نشر معلومات غير متوافرة للعامة بشأن هذا الموضوع حتى يتسنى للمجتمع الاستفادة من طرحه. ويبدو أن المحافظ لا يدرك أهمية إقامة مصنع للأسمنت على رغم كل الحديث عن وجود نقص في توافر هذه المادة الحيوية! فنقص الأسمنت هو أحد أسباب ارتفاع أسعار البناء في البلاد.
الاقتصاد أم المحافظ؟
تعتبر المنطقة الصناعية في الحد من المناطق الحيوية بالنسبة إلى المستقبل الاقتصادي للبحرين. فهناك أمل بقدرة المنطقة المتخصصة في المساهمة بشكل نوعي في استقطاب استثمارات جديدة إلى البحرين وبالتالي تعزيز فرص النمو لاقتصادنا الوطني. كما أن هذه المنطقة مرتبطة بميناء خليفة بن سلمان قيد التشييد، ومن شأن القطاع الصناعي المساهمة في إيجاد فرص وظيفية للمواطنين. المعروف أنه بمقدور مصنع واحد توظيف العشرات.
وخير دليل على الأهمية النسبية للمنطقة الصناعية في الحد هو تأسيس مشروع المعهد الوطني للتدريب الصناعي في هذه المنطقة المتخصصة. يشار إلى أن وزير الصناعة والتجارة حسن فخرو هو من وضع حجر الأساس للمشروع في احتفال أقيم في نهاية شهر مايو/ أيار الماضي. ويجري تشييد المرحلة الأولى للمشروع على مساحة قدرها 3500 متر مربع وبكلفة قدرها مليون دينار، ومن شأن هذا المشروع تدريب كوادر وطنية في القطاع الصناعي.
ختاما لا بد للحكومة من التدخل حتى لا تنتقل عدوى مواقف المحافظ إلى مناطق أخرى في البلاد. بدورنا نرى من الضرورة بمكان عدم السماح لشخص مهما كبر منصبه إيقاف عجلة التنمية الصناعية في البلاد، إذ يساهم القطاع الصناعي بنحو 12 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي وعليه، فالمطلوب تعزيزه وليس العكس. والصواب يقتضي تنشيط القطاع الصناعي لخدمة الأهداف التنموية والوظيفية لاقتصادنا المحلي، فالخاسر الأكبر من موقف المحافظ المعارض لتشييد مشروع اقتصادي في المحرق هو الاقتصاد البحريني. وعليه، فالمطلوب من الحكومة عدم السماح لأي شخص النيل من القدرة التنافسية للاقتصاد المحلي.
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1808 - السبت 18 أغسطس 2007م الموافق 04 شعبان 1428هـ