للمعلومة فقط فعمر الفضائيات في عالمنا العربي عشرون عاما فقط، وعلى رغم حداثة وقصر تجربتها إلا أنها استطاعت خلال هذه المدة القصيرة تغيير كثير من المفاهيم والرؤى التي كانت شائعة داخل مجتمعنا وان كانت غالبية هذا التغيير في الاتجاه السلبي لا الإيجابي.
وقضية المرأة في مجتمعاتنا العربية واحدة من القضايا التي عبرت عنها وعالجتها الفضائيات العربية، إلا أن الحصاد لهذه المعالجة هو «حصاد مر»، إذ جاء بنتائج سلبية على واقع ومستقبل المرأة العربية في مختلف المجالات.
الصورة التي تقدمها غالبية تلك المحطات للمرأة هي صورة نمطية ثابتة تكرر في كل القنوات وهي الصورة التي لا تقدم سوى شيء واحد وهو «المرأة الجسد» التي تثير غرائز المشاهدين وتعمل على جذب أكبر عدد ممكن من الجماهير سواء أكانوا ذكورا أم إناثا يظهر ذلك بوضوح في قنوات الأغاني والمسابقات التي تقوم بعرض أجساد نسائية تحت مسميات مختلفة ما بين «مذيعة» أو «مطربة» أو «مقدمة برامج» وغيرها من المسميات التي تخفي وراءها حقيقة هذه القنوات.
أما القنوات الأخرى الإخبارية أو الترفيهية فلا تقبل سوى المذيعة الأكثر جمالا أو «حسنة المظهر» كما يقولون هذه الصورة النمطية حولت الساحات الفضائية من ساحات إعلامية إلى مسرح لعرض «الدمى».
تهميش عقل وفكر المرأة وسجنها داخل الجسد هو المحصلة النهائية والرسالة التي تقدمها هذه القنوات الفضائية. فتلك المحطات الفضائية ليست سوى مشروعات استثمارية إعلامية لرجال أعمال والغرض من هذه القنوات هو الحصول على أكبر قدر من الربح والكسب بأية طريقة أو وسيلة سواء أكانت مشروعة أم غير مشروعة نافعة أم ضارة وهذا هو منطق الرأسمالية فالربح هو الأول والأخير.
مشكلة غالبية هذه المحطات الفضائية (المراهقة) - واعتقد أن الجميع يتفق معي في هذه النقطة - هي أنها لا تعمل على تحرير وعي المرأة وإطلاق قيودها من تخلف المجتمع، بل عملت على تحرير جسد المرأة بدلا من تحرير عقلها من قيود التخلف والجهل.
العدد 1807 - الجمعة 17 أغسطس 2007م الموافق 03 شعبان 1428هـ