عطفا على مقال يوم أمس (الأربعاء) نواصل في هذه الحلقة النقاش حول ما جاء في خطاب الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة في جامعة البحرين. المعروف بأن مجلس التنمية الاقتصادية يتحمل وزر صوغ الاستراتيجية الاقتصادية للبحرين بالتنسيق مع سمو رئيس مجلس الوزراء. وعليه تعد الآراء التي يبديها الرئيس التنفيذي للمجلس مهمة لأنها تعكس توجهات وميول اقتصادية للمملكة.
فرض ضرائب
إضافة إلى مسألتي دعم السلع وارتباط الدينار بالدولار (وهما الموضوعان اللذان تطرقنا لهما يوم أمس) أشار الشيخ محمد بن عيسى إلى مسألة فرض الضرائب في البحرين. ولوحظ بأن الرجل ربط الموضوع بقضية نضوب النفط مايعني بأن الضرائب سيتم فرضها حال الانتهاء من الذهب الأسود. بدورنا نعتقد بأن الحديث عن انتهاء عصر النفط في البحرين غير دقيق إذ لايعرف أحد على وجه الدقة متى (وهل) سينضب حقل البحرين؟ ثم علينا أن نعي بأن الحديث عن انتهاء المخزون النفطي مرتبط بحقل البحرين (المحلي) وليس حقل أبو سعفة (المشترك مع السعودية). تعتمد الموازنة بشكل أساسي على إيرادات حقل أبو سعفة وليس حقل البحرين.
حسب الهيئة الوطنية للنفط والغاز بلغ متوسط إنتاج النفط الخام من حقل البحرين 35849 برميل يوميا في العام 2006. بالمقارنة بلغ معدل الإنتاج في العام 2005 تحديدا 36569 برميل يوميا. ويبدوا جليا من التراجع بأن البحرين تعاني من مشكلة الحفاظ على كمية الإنتاج بالنسبة لهذا الحقل على رغم استخدام آخر ما توصلت إليه التقنية الحديثة لضمان استمرار الإنتاج.
لكن تحصل البحرين على 150 ألف برميل يوميا من حقل أبو سعفة البحري المشترك مع الجار والشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية. وكان البلدان قد بدأ قبل عدة سنوات عملية مضاعفة إنتاج الحقل المشترك إلى 300 ألف برميل يوميا (150 ألف برميل لكل بلد). والأهم من ذلك, تبين حديثا بأن حقل أبو سعفة ساهم بنحو 80 في المئة من الإيرادات النفطية للسنة المالية 2006. بدوره شكل الدخل النفطي 77 في المئة من مجموع إيرادات الخزانة. بمعنى آخر, تعتمد الموازنة على حقل أبو سعفة وليس حقل البحرين (المحتمل نضوبه). عموما كنا نتمنى أن يكون الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية دقيقا في كلامه وأن يحدد التواريخ قدر المستطاع وليس الحديث بشكل تنظيري.
رؤية اقتصادية
من جهة أخرى, أكد الشيخ محمد بن عيسى بأن مجلس التنمية الاقتصادية سيكشف عن رؤية اقتصادية جديدة للبحرين في غضون ثلاثة شهور. وشدد الرئيس التنفيذي بأن الرؤية ستأخذ بعين الاعتبار مختلف المكونات التعليمية والصناعية والبيئية، فضلا عن أمور أخرى مثل تعزيز البنية التحتية والاستثمار في التعليم والتدريب وإشراك القطاع الخاص بصور أكبر في التنمية.
بدورنا نعتقد بأن اقتصادنا الوطني بحاجة إلى رؤية جديدة وشفافة تضع النقاط على الحروف. نقول ذلك في ضوء وجود نوع من التخبط الاقتصادي في الوقت الحاضر. لاحظ على سبيل المثال تهديد محافظ المحرق سلمان بن عيسى بن هندي بعدم السماح بإنشاء مصنع للأسمنت في منطقة الحد الصناعية (الواقعة في محافظته) بحجة أن المصنع له تأثير سلبي على البيئة. لاشك أنه لأمر غريب أن يتدخل محافظ في تعطيل مشروع اقتصادي حيوي بمقدوره المساهمة في القضاء على نقص مادة صناعية تعاني منها البحرين في الوقت الذي لم يقل أصحابه بأن المصنع سيكون عدوا للبيئة. كما نتمنى أن تأتي الرؤية بحلول ناجعة لبعض المشكلات الخطيرة مثل الفقر والبطالة وتدني الأجور والمنافسة الإقليمية.
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1805 - الأربعاء 15 أغسطس 2007م الموافق 01 شعبان 1428هـ