لم يكن المسكين يتوقع بأن تختلي خزينته في هذا الشهر بهذه السرعة، ولكن مع وجود المعارض والعروض في الأسواق فلا يمكن أن يوقف شره زوجته وبناته!
في أحد المعارض استأجر صاحبنا آسيويا لحمل الأغراض إلى السيارة، فلا يمكن له أن يحتمل الثقل الذي لا يستطيع حتى «الحمار» أن يحمله بمفرده... كان الآسيوي يشتكي بلغته الأم ولم يدر بأن «الأرباب» يجيد هذه اللغة، فأدار له ظهره وهو يقول: لا تخاف شوي وبنوصل الـ «بيك أب»، بس خل عندك صبر شوي.
الآسيوي اقترب من البحريني وقال: «يقولون البحرينيين ما عندهم فلوس، يعني المعارض في البحرين ما تخلص وكله مليانه بالناس على طول الأيام، لا ويمددونه في غالبية الأوقات... إذا ما عندكم فلوس ليش تروحون المعارض وتربحون التجار»!
حك البحريني رأسه وفرك لحيته وأجاب «صدقت والله، إحنا ما عنده ناكل لكن عنده نربح التجار، الله يعينه على بلوانه»... على أية حال، انتهى الحديث عند «البيك أب» وذهب الآسيوي في حال سبيله، ولكن الفرق الوحيد الذي ظل صاحبنا يفكر فيه هو أنه دخل المعرض وخرج وجيبه يئن، فيما أن الآسيوي دخل المعرض وسيخرج منه وقد ادخر في جيبه قروشا بيضاء تنفعه في الليالي والأيام السوداء، ولم يخف أنه فكر جديا في العمل مع الحمالين في المعارض.
ولعل امتلاء المعارض ليس بدليل يمكن اللجوء إليه لعرض حال البذخ الذي يعيشه البحرينيون، فغالبيتهم أناس «طحنتهم» الحياة بمرها حتى ذابت «مرارتهم» من الهم والغم، ولعل الله أنعم عليهم بنعمة مغادرة الحياة في أعمار مبكرة، لعل وعسى أن يجدوا النعيم في حياة أخرى، وإذا كان حظهم أعمى في الحياة والممات فإن الشقاء سيلازمهم أينما حلوا وارتحلوا... وهذه الحال يجسدها أحد «الشياب» حين قال ممازحا زوجته وأولاده:» تخيلوا أني أشوفكم في الجنة وتعيشون ويايي، لا وأتزوج أمكم هناك بعد، صدقوني أرفع ايدي وأقول يا رب ودوني النار أهون علي»!
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"العدد 1804 - الثلثاء 14 أغسطس 2007م الموافق 30 رجب 1428هـ