العدد 1803 - الإثنين 13 أغسطس 2007م الموافق 29 رجب 1428هـ

الشباب وآفة المخدرات

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات الذي عقد في البحرين جرى حديث طويل عن آفة المخدرات وأضرارها وطرق التعامل معها...

الكل أدلى بدلوه، وتحدث عن تجاربه وجهوده في التعامل مع المخدرات، ومع كل الحديث الذي جرى فإن الآفة موجودة والحديث عنها في ازدياد لأنها تزداد يوما بعد آخر على رغم كل الجهود التي تتم للقضاء عليها أو التقليل منها... فما السبب يا ترى؟

في البداية دعونا نستمع إلى وزير الإعلام البحريني محمد عبدالغفار الذي قال إن التقارير الدولية تشير إلى أن حجم الانفاق العالمي على الإدمان يبلغ 135 مليار دولار سنويا، كما أن 3-4 في المئة من سكان العالم يواصلون الإدمان...

تخيل - عزيزي القارئ - هذا الرقم المذهل الذي ينفقه المدمنون على شراء المخدرات، ثم تخيل - أيضا - العدد المذهل من الناس الذين يتعاطون الإدمان في العالم! بطبيعة الحال هناك أرقام مذهلة آخرى تنفقها الدول على مكافحة الإدمان، وهناك أرقام مذهلة آخرى تؤكد أن الإدمان في ازدياد على رغم كل ما ينفق من أجل التقليل منه!

في مؤتمر البحرين تحدث النائب عادل العسومي فأكد أن نسبة جرائم المخدرات في البحرين في ازدياد مستمر على رغم كل ما ينفق من أجل مكافحتها...

وهناك دراسة نشرتها صحيفة «الشرق الأوسط» قالت إن 28 في المئة من المحكوم عليهم في جرائم جنائية في السعودية يتعاطون المخدرات... وانظر مرة أخرى إلى النسب العالمية في تعاطي المخدرات وأيضا الجرائم التي تتم بسبب تعاطيها!

وتقول هذه الدراسة أيضا: إن المخدرات تدفع لارتكاب جرائم الاعتداء الجنسي على الذكور بنسبة 62 في المئة وعلى الإناث بنسبة 56 في المئة.

وأقول ربما تفسر هذه النسب المخيفة ما نقرأه عن زيادة جرائم الاغتصاب والخطف في بلادنا ما لم نكن نعهده في السابق...

والتقرير السابق ينقل عن «منى الشربيني» وهي باحثة اجتماعية في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات قولها: «إن إدمان المخدرات إذا لم يؤد إلى الجريمة فإنه يؤدي إلى حالة تفكك في الشخصية واختلاف التفكير وتعرض المريض لحالات شديدة من الهلوسة... كما أنه يضطر صاحبه إلى مخالطة أناس من ذوي المستويات الاجتماعية السيئة ما يجعله يرتكب عادات إجرامية أو مضادة للقانون».

من المؤكد أن معظم دول العالم اتخذت قوانين صارمة لمكافحة المخدرات وجعلت بيعها وتعاطيها جريمة وزراعتها جريمة، ولكن من المؤكد أيضا أن كل ذلك لا يؤدي إلى منعها أو التقليل منها... ربما هناك خلل في طريقة مكافحتها وربما هناك أناس لا يطالهم القانون، وربما هناك عصابات أو دول تروج للمخدرات لأهداف سياسية تريد تحقيقها...

هل هناك علاقة بين السياسة والمخدرات؟ أقول: نعم وهي علاقة قوية، مثل العلاقة بين الجنس والسياسة، والثقافة والسياسة وسواها من العلاقات المتشابكة التي تستخدمها بعض الدول للوصول إلى أهدافها من خلال أشخاص أو إغراق دول بعينها في آفة المخدرات أو الجنس أو ثقافات معينة تخدم أغراضها...

إسرائيل - مثلا - وكما نقرأ في الصحافة العربية أو في بعض المصادر الآخرى عملت على إغراق مصر بالمخدرات، وربما بالجنس المدمر أيضا مستغلة عملية التطبيع والهدف تدمير الشباب المصري وإشغاله بالأمور التافهة ليسهل عليها السيطرة على الوضع العام في العالم العربي الذي تريد لشبابه أن يكونوا محطمين في كل شيء وربما يقوم آخرون بالسير في الاتجاه نفسه ويقومون بالدورنفسه وتحقيق الأغراض نفسها خدمة للمصالح الصهيونية أو الاستعمارية بصورة عامة...

وهناك - أيضا - أشخاص أو عصابات تهدف لتحقيق الربح على حساب تدمير الاشخاص والبلاد وتحطيم كل من يقف في طريقها إن استطاعت ذلك...

كل ذلك ربما يفسر إلى حد كبير تنامي ظاهرة انتشار المخدرات في العالم عموما والبلاد العربية خصوصا لأن قوانينها ربما تتكاسل عن فضح المجرمين الحقيقيين الذين يعملون على تدمير البلاد وشبابها...

لقد وقفت مذهولا وأنا أقرأ ما نشرته «الشرق الأوسط» في عددها الصادر يوم 27 يونيو/ حزيران 2007 من أن الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في السعودية أفشلت محاولة تهريب شحنة من الحشيش وزنها طنا وأربعمئة وخمسة عشر كيلوغرام كانت قادمة من اليمن، وهذه الكمية ليست الأولى ولا الثانية بل هي واحدة من سلسلة طويلة من محاولات التهريب سواء من جهة اليمن أو من جهات آخرى متعددة...

هذه الكمية - وسواها - تم كشفها ولكن هناك كميات أكبر منها يتم تهريبها إلى بلادنا ويتم تسويقها أيضا وهذا يفسر تنامي هذه الظاهرة وتزايد أعداد المتعاطين لها...

رجال مكافحة المخدرات في بلادنا يقومون بجهود عظيمة مشكورة، ومثلهم رجال الجمارك، ويجب أن يتعاون معهم كل قادر على ذلك لأن هذه مهمة إسلامية بالدرجة الأولى يفرضها ديننا على كل واحد منا بالمحافظة على شبابنا من الضياع وعلى بلادنا - أيضا - من الضعف لأن ضياع شبابنا ضياع لقوة بلادنا...

ولكي تقف مع تلك الجهود التي يبذلها الأخوة في مكافحة المخدرات يجب أولا أن تمنحهم الدولة كل الإمكانات اللازمة ليقوموا بدورهم وتمنحهم كذلك مكافآت كبيرة على جهودهم لأنهم يتعرضون للكثير من المخاطر ربما تودي بحياتهم أحيانا ومن دون ذلك قد لا يكون لديهم القدرة الكافية للقيام بدورهم كما نحب لهم أن يقوموا به...

شيء جيد ذلك الدور الذي تقوم به الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في توعية الشباب باضرار المخدرات في المدارس والمراكز التجارية والمعارض المتخصصة التي تقوم بها بين وقت وآخر...

ولعل الاقتراح القائل بإدخال بعض المفاهيم المتعلقة بمكافحة المخدرات في المناهج يجد طريقه العملي وقريبا نظرا لأن هذه الآفة تجد طريقها بين أوساط الشباب...

والشيء الذي لا يجب إغفاله أن كل أنواع الفساد قد يكون من طرق تعاطي المخدرات لأن الشيء السيئ يقود للآخر وهكذا يصل الأمر إلى الجرائم التي يكون سببها المخدرات وربما قبله التدخين أو الانحراف الجنسي وهكذا فهذه السلسلة تتصل حلقاتها بعضها بالبعض الآخر وربما الذين يعملون في مكافحة المخدرات يدركون هذه الحقائق لأنهم يتعاملون مع أصحابها...

والشيء الذي أود التأكيد عليه أن الدول العربية - خاصة - إذا أرادت أن تكافح هذه الآفة وبجد فإن عليها أن تقف وبقوة ضد بعض الاشخاص الذين يعملون عى إغراق مجتمعاتهم بالمخدرات بهدف أرباح على حساب حياة مواطنيهم وتدمير بلادهم... ومن دون ذلك سيبقى عملهم ضعيفا ولن يحقق النهايات السعيدة التي نرجوها جميعا.

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 1803 - الإثنين 13 أغسطس 2007م الموافق 29 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً